ومما سبق يتبين أن الخلاف قديم وفي الأمر سعة، فإخراج أحد الأصناف المذكورة في الحديث يكون في حال ما إذا كان الفقير يسد حاجته الطعام في ذلك اليوم يوم العيد، وإخراج القيمة يجوز في حال ما إذا كانت النقود أنفع للفقير كما هو الحال في معظم بلدان العالم اليوم، ولعل حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – " أغنوهم في هذا اليوم"، يؤيد هذا القول؛ لأن حاجة الفقير الآن لا تقتصر على الطعام فقط، بل تتعداه إلى اللباس ونحوه .. ، ولعل العلة في تعيين الأصناف المذكورة في الحديث، هي: الحاجة إلى الطعام والشراب وندرة النقود في ذلك العصر،حيث كانت أغلب مبايعاتهم بالمقايضة، وإذا كان الأمر كذلك فإن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فيجوز إخراج النقود في زكاة الفطر للحاجة القائمة والملموسة للفقير اليوم. والله أعلم.
د. سعود بن عبد الله الفنيسان
إخراج زكاة الفطر لحماً
السؤال:
بعض أهل البوادي ليس عندهم طعام يخرجونه لزكاة الفطر فهل يجوز لهم الذبح من المواشي وتوزيعها على الفقراء؟
الجواب:
لا يصح ذلك؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – فرضها صاعاً من طعام واللحم يوزن ولا يكال، قال ابن عمر – رضي الله عنهما -: "فرض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – زكاة الفطر صاعاً من تمر وصاعاً من شعير".
وقال أبو سعيد – رضي الله عنه -: "كنا نخرجها في زمن النبي – صلى الله عليه وسلم – صاعاً من طعام، كان طعامنا التمر والشعير والزبيب والأقط"، ولهذا كان القول الراجح من أقوال أهل العلم أن زكاة الفطر لا تجزئ في الدراهم ولا من الثياب ولا من الفرش.
ولا عبرة بقول من قال من أهل العلم إن زكاة الفطر تجزئ من الدراهم لأنه ما دام بين أيدينا نص عن النبي – عليه الصلاة والسلام – فإنه لا قول لأحد بعده ولا استحسان للعقول في إبطال الشرع، والله – عز وجل – لا يسألنا عن قول فلان أو فلان يوم القيامة وإنما يسألنا عن قول الرسول – صلى الله عليه وسلم – لقوله تعالى: "وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ" [القصص:65].
فتصور نفسك واقفاً بين يدي الله يوم القيامة وقد فرض عليك على لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم – أن تؤدي زكاة الفطر من الطعام فهل يمكنك إذا سئلت يوم القيامة: ماذا أجبت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في فرض هذه الصدقة؟ فهل يمكنك أن تدافع عن نفسك وتقول والله هذا مذهب فلان وهذا قول فلان؟ الجواب: لا ولو أنك قلت ذلك لم ينفعك.
فالصواب بلا شك أن زكاة الفطر لا تجزئ إلا من الطعام وأن أي طعام يكون قوتاً للبلد فإنه مجزئ وإذا رأيت أقوال أهل العلم في هذه المسألة وجدت أنها طرفان ووسط:
فطرف يقول: أخرجها من الطعام، وأخرجها من الدراهم، وطرف آخر يقول: لا تخرجها من الدراهم ولا تخرجها من الطعام إلا من خمسة أصناف فقط وهي البر والتمر والشعير والزبيب والأقط، وهذان القولان متقابلان.
وأما القول الوسط فيقول: أخرجها من كل ما يطعمه الناس ولا تخرجها مما لا يطعمه الناس، فأخرجها من البر والتمر والأرز والدخن والذرة، إذا كنت في مكان يقتات الناس فيه الذرة وما أشبه ذلك، حتى لو فرض أننا في أرض يقتات أهلها اللحم فإننا نخرجها من اللحم.
وبناءً على ذلك يتبين أن ما ذكره السائل من إخراج أهل البوادي للحم بدلاً عن زكاة الفطر لا يجزئ عن زكاة الفطر.
محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله-
وكالة اللجان الخيرية على الصدقات
السؤال:
فضيلة الشيخ هاني الجبير- حفظه الله تعالى:
هل اللجان الخيرية وكيلة عن صارفها (المزكي والمتصدق)؟ أم وكيلة عن مستحقها؟ ومحل الإشكال في الآتي:
1 - متى تبرأ ذمة المزكي؟ هل بوقت دفعها لهم أم بوقت صرفها لمستحقها؟
2 - وهل يجوز وضع جدول زمني لصرفها لمستحقيها خلال العام، لكل شهر عدد معين؟
3 - وهل يجوز استثمار أموال الصدقات والزكوات؟
4 - وهل يجوز قبض زكاة الفطر في وقت لا يسع صرفها فيه؟ كقبيل تكبيرة الإحرام في صلاة العيد؟
5 - وهل يفرق في ذلك بين اللجان المرخصة من قبل (الحكومة)، وغير المرخصة؟ وهل هي وكيلة عنها في القبض، كجباة للزكاة للإمام؟ وهل يستحق العاملون فيها من مصرف (والعاملين عليها)؟ أفتونا بارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
الجواب:
الحمد لله وحده، وبعد:
¥