تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فابحثي عن بعض هذه الأسباب لعلك توقنين بالمقصود، ...

والخامس: أنه ينبغي أن يقع البحث عن مقصودك بهذا المطلوب، فربما كان في حصوله زيادة إثم، أو تأخير عن مرتبة خير، فكان المنع أصلح ..... والسادس: أنه ربما كان فقد ما تفقدينه سبباً للوقوف على الباب واللجأ، وحصوله سبباً للاشتغال به عن المسؤول.

وهذا الظاهر بدليل أنه لولا هذه النازلة ما رأيناك على باب اللجأ.

فالحق عز وجل علم من الخلق اشتغالهم بالبر عنه، فلذعهم في خلال النعم بعوارض تدفعهم إلى بابه، يستغيثون به، فهذا من النعم في طي البلاء.

وإنما البلاء المحض، ما يشغلك عنه، فأما ما يقيمك بين يديه، ففيه جمالك.

وإذا تدبرت هذه الأشياء تشاغلت بما هو أنفع لك، من حصول ما فاتك من رفع خلل، أو اعتذار من زلل، أو وقوف على الباب إلى رب الأرباب.

(1) لفظ الحديث "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول: قد دعوت فلم يستجب لي"

- وأسلم ما للجبان العزلة، خصوصاً في زمان قد مات فيه المعروف، وعاش المنكر، ولم يبق لأهل العلم وقع عند الولاة.

فمن داخلهم دخل معهم فيما لا يجوز، ولم يقدر على جذبهم مما هم فيه.

- يحكى عن بشر الحافي رحمة الله عليه: سار ومعه رجل في طريق فعطش صاحبه، فقال له: نشرب من هذه البئر؟ فقال بشر: اصبر إلى البئر الأخرى، فلما وصلا إليها قال له: البئر الأخرى.

فما زال يعلله ... ثم التفت إليه فقال له: هكذا تنقطع الدنيا.

ومن فهم هذا الأصل علل النفس وتلطف بها ووعدها الجميل لتصبر على ما قد حملت كما كان بعض السلف يقول لنفسه: والله ما أريد بمنعك من هذا الذي تحبين إلا الإشفاق عليك.

وقال أبو يزيد رحمة الله عليه: ما زلت أسوق نفسي إلى الله تعالى وهي تبكي حتى سقتها وهي تضحك.

واعلم أن مداراة النفس والتلطف بها لازم، وبذلك ينقطع الطريق؛ فهذا رمز إلى الإشارة، وشرحه يطول.

- المؤمن لا يبالغ في الذنوب وإنما يقوى الهوى وتتوقد نيران الشهوة فينحدر.

وله مراد لا يعزم المؤمن على مواقعته، ولا على العود بعد فراغه.

ولا يستقصي في الانتقام إن غضب، وينوي التوبة قبل الزلل.

وتأمل إخوة يوسف عليهم السلام. فإنهم عزموا على التوبة قبل إبعاد يوسف فقالوا: " اقْتُلُوا يوسُفَ " ثم زاد ذلك تعظيماً فقالوا: " أَوِ اطْرَحُوهً أرْضاً ". ثم عزموا على الإنابة فقالوا: " وَتكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صَالحينَ ".

فلما خرجوا به إلى الصحراء هموا بقتله بمقتضى ما في القلوب من الحسد.

فقال كبيرهم: " لاَ تَقْتُلُوا يوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابت الجُبِّ " ولم يرد أن يموت بل يلتقطه بعض السيارة، فأجابوا إلى ذلك.

والسبب في هذه الأحوال أن الإيمان في قمع النفوس يكون على حسب قوته، فتارة يردها عند الهم، وتارة يضعف فيردها عند العزم، وتارة عن بعض الفعل، فإذا غلبت الغفلة، ووقع الذنب، فتر الطبع، فنهض الإيمان للعمل، فينقص بالندم أضعاف ما التذ.

- رأيت كل من يعثر بشيء أو يزلق في مطر يلتفت إلى ما عثر به، فينظر إليه، طبعاً موضوعاً في الخلق.

إما ليحذر منه إن جاز عليه مرة أخرى، أو لينظر - مع احترازه وفهمه

- كيف فاته التحرز من مثل هذا.

فأخذت من ذلك إشارة وقلت: يا من عثر مراراً هلا أبصرت ما الذي أعثرك فاحترزت من مثله، أو قبحت لنفسك مع حزمها تلك الواقعة.

فإن الغالب ممن يلتفت أن معنى التفاته كيف عثر مثلي مع احترازه بمثل ما أرى.

فالعجب لك كيف عثرت بمثل الذنب الفلاني والذنب الفلاني؟.

كيف غرك زخرف تعلم بعقلك باطنه، وترى بعين فكرك مآله؟ كيف آثرت فانياً على باق؟ كيف بعت بوكس؟ كيف اخترت لذة رقدة على انتباه معاملة.

آه لك لقد اشتريت بما بعت أحمال ندم لا يقلها ظهر، وتنكيس رأس أمسى بعيد الرفع، ودموع حزن على قبح فعل ما لمددها انقطاع.

وأقبح الكل، أن يقال لك: بماذا؟ ومن أجل ماذا؟ وهذا على ماذا؟ يا من قلب الغرور عليه الصنجة ووزن له والميزان راكب.

- رأيت من نفسي عجباً: تسأل الله عز وجل حاجاتها، وتنسي جناياتها.

فقلت: يا نفس السوء أو مثلك ينطق؟.

فإن نطق فينبغي أن يكون السؤال العفو فحسب.

فقالت: فممن أطلب مراداتي؟ قلت: ما أمنعك من طلب المراد. إنما أقول حققي التوبة، وانطقي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير