تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال صاحب " الاعتصام ـ الجزء الثاني ص 140 " ومن البدع الإضافية التي تقرب من الحقيقة أن يكون أصل العبادة مشروعاً إلا أنها تخرج عن أصل شرعيتها بغير دليل، توهما بأنها باقية على أصلها تحت مقتضى الدليل، وذلك بأن يقيد إطلاقها بالرأي، أو يطلق تقييدها، وبالجملة فتخرج عن حدها الذي حد لها، وذكر أمثلة لذلك كتخصيص الجمعة أو الأربعاء أو السابع أو الثامن في الشهر بالصيام، وكتخصيص الأيام الفاضلة بأنواع العبادات التي لم تشرع لها تخصيصا، كتخصيص اليوم الفولاني بكذا وكذا من الركعات، أو بصدقة كذا وكذا.

وقال: فصار التخصيص من المكلف بدعة؛ إذ هي تشريع بغير مستند، ومنه تكرار السورة الواحدة في التلاوة أو في الركعة الواحدة؛ فإن التلاوة لم تشرع على ذلك الوجه، وخرج ابن وضاح عن مصعب، قال: سئل سفيان عن رجل يكثر قراءة (قل هو الله أحد) لا يقرأ غيرها كما يقرؤها؟ فكرهه، وقال: إنما أنتم متبعون، فاتبعوا الأولين، ولم يبلغنا عنهم نحو هذا.

ومن ذلك قراءة القرآن بهيئة الاجتماع " عشية عرفة " في المسجد تشبها بأهل عرفة، وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه بلغه أن أناسا يجتمعون في المسجد، ويقول أحدهم: هللوا كذا، وسبحوا كذا وكبروا كذا، فيفعلون!

فقال ابن مسعود: إنكم لأهدى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أضل؛ بل هذه ـ يعني أضل.

وقد أنكر عليهم هذا الصنيع، مع أن هؤلاء ربما ظن دخولهم تحت قوله تعالى: (اذكروا الله ذكراً كثيراً)، وإنكار ابن مسعود عليهم الذكر؛ لأنه جاء منهم على هذه الهيئة التي لم يكن الصحابة رضي الله عنهم يفعلونها.

وقال رضي الله عنه: اتبعوا، ولاتبتدعوا، فقد كفيتم، وكل بدعة ضلالة.

وقال حذيفة رضي الله عنه: اتبعوا سبيلنا فلئن اتبعتمونا لقد سبقتم سبقا بعيدا، ولئن خالفتمونا لقد ضللتم ضلالا بعيدا، وقد أجمع المسلمون على أن من أوقف على صلاة أو قراءة، أو نحوهما غير شرعية لم يصح وقفه ...... .. ) اهـ.


(1) سورة المؤمن آية 60.
(2) سورة الأسراء ـ آية 110.
(3) أخرجه الترمذي عن أنس.
(4) أخرجه الترمذي وقال حديث صحيح.
(5) رواه أبوداود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.

السؤال:
قبل ثلاث سنوات شكوت إلى أحد الرجال الصالحين عندنا من كثرة تذبذبي بين العبادة وبين أمور الدنيا، وعدم اطمئناني إلى عبادتي كالصوم والصلاة؛ لأنني أصوم وأصلي منذ عشرة سنوات، ومغريات الدنيا كثيرة، فقال لي هذا الرجل: اتبع هذه الطريقة لعل قلبك يهدأ، تقول: اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم مائة مرة، وتقول: استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه مائة مرة، وتقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك لهُ له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير، مائة مرة، فهل هذا صحيح أم لا؟ وهل هو المقصود بقوله تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28]؟

الجواب:
(لا شك أن الإكثار من ذكر الله والاستغفار والصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم- من أعظم الأسباب في طمأنينة القلوب, وفي راحتها, وفي السكون إلى الله - عز وجل -، والأنس به - سبحانه وتعالى -، وزوال الوحشة والذبذبة والحيرة، فالذي أوصاك به هذا الرجل قد أحسن بهذه الوصية، لكن ليس للاستغفار حد محدود، ولا للصلاة على النبي حد محدود، بل تكثر من الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم-، ولا يتعين في المائة بل تكثر من الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم- وتستغفر كثيراً مائة وأكثر وأقل، أما تحديده بمائة فليس له أصل، ولكنك تكثر من الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم- قائماً. وقاعداً, في الليل والنهار، وفي الطريق وفي البيت، لأن الله-جل وعلا- قال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) سورة الأحزاب)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من صلّى علي وحدة صلّى الله عليه بها عشراً)، فأكثر من ذلك وأبشر بالخير وليس هناك حدٌ محدود، تصلي على النبي ما تيسر، عشراً, عشرين, ثلاثين, مائة, ألف، أكثر أقل على حسب التيسير من غير تحديد، وهكذا الاستغفار تكثر من الاستغفار؛ لأنك مأمور بهذا،
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير