تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الرابع: أن تكون موافقة للشرع في كيفيتها، بأن يأتي بها على الكيفية التي جاءت به الشريعة، فلو صلى الإنسان أربع ركعات، لكنه كان يأتي بالسجود قبل الركوع، فإن الصلاة لا تقبل منه، لأنه أتى بها على كيفيةٍ لم ترد بها الشريعة فكانت مردودة عليه لعدم تحقق الاتباع في حقه.

الخامس: أن تكون موافقةً للشرع في زمانها، فإن لم تكن موافقة الشرع في زمانها فإنها لا تقبل، فلو صام في شهر رجب بدلاً عن رمضان فإن ذلك لا يقبل منه، ولا يجزئه عن رمضان، وذلك لأن رمضان خُص الصيام فيه دون غيره من الشهور، فمن أتى به في زمن آخر، لم يكن أتى بهذه العبادة في الوقت الذي حدده الشرع، وكذلك لو صلى الظهر قبل زوال الشمس فإنها لا تقبل منه لأنه أتى بها في غير الزمن الذي حدده الشارع لها.

السادس: أن تكون موافقة للشرع في مكانها، فلو أن الإنسان اعتكف في بيته في العشر الأواخر من رمضان بدلاً من أن يعتكف في المساجد فإن هذا الاعتكاف لا يصح منه، لأنه في غير المكان الذي حدده الشارع للاعتكاف.

ولْيُعلم أن مخالفة الشريعة في هذه الأمور الستة أو في واحدٍ منها يترتب عليه أمران: الأمر الأول: الإثم إذا كان عامداً.

والأمر الثاني: البطلان.

فإن كان جاهلاً فإنه يسقط عنه الإثم، ولكن العبادة تبقى باطلة؛ فإن كانت مما يُقضى إذا بطل وجب عليه قضاؤها، وإن كانت مما لا يُقضى سقطت عنه.

بناءً على ذلك نقول في إجابة هذا السؤال:

إن ذكر الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في غير الأوقات التي ورد فيها ذكره، ليس بمشروع، فلو أن الإنسان أراد أن يأتي بقول: "أشهد أن محمداً رسول الله" التي تقال في الأذان وفي غير الأذان أيضاً، أتى بها في الضحى بناءً على أنه يريد بها الأذان، فإنه لا يقبل منه ذلك لأن الأذان له وقتٌ معين، وهو ما إذا دخل وقت الصلاة وأراد أن يصلي.

ثم إن ذكر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لا شك إنه من أجل العبادات، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من أفضل الأعمال، ومن صلى على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مرة واحدة صلى الله عليه بها عشراً، فالإكثار من الصلاة عليه بلا عدد وبدون زمنٍ معين وبدون مكانٍ معين هذا خيرٌ من أن يجعل الإنسان لهذه الصلاة وقتاً معيناً وعدداً معيناً وصفةً معينة، لأن كل شيء يسنه الإنسان لنفسه ولو كان أصله مشروعاً يكون من البدع ويكون من البدع في كيفيته أو زمانه أو مكانه حسب ما فصلنا آنفاً.

والإنسان إذا استغنى بالسنة عن غيرها كفت، وحصل بها الخير الكثير، وإن كان الإنسان قد يتقال السنة في بعض الأحيان، ويقول: أنا أريد أن أعمل أكثر من ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنكر على الذين تقالوا سنته وهديه وأرادوا أن يزيدوا على ذلك؛ حيث اجتمع نفرٌ فقال بعضهم لبعض حين سألوا عن عمل النبي صلى الله عليه وسلم في السر أي فيما ما لا يبدو للناس، فكأنهم تقالوا هذا العمل، وقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يعني ونحن لم يحصل لنا ذلك، فقال بعضهم: أنا أصوم ولا أفطر، وقال الثاني: أنا أقوم ولا أنام، وقال الثالث: أنا لا أتزوج النساء، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأنكر عليهم وقال: "من رغب عن سنتي فليس مني"، فاتباع السنة خير، حتى وإن كان الإنسان يظن أنه عملٌ قليل، فإن ما وافق السنة وإن كان أقل فهو خيرٌ مما لم يوافق السنة وإن كان أكثر، ولهذا لو أن الإنسان أراد أن يطيل ركعتي الفجر أي: سنة الفجر أراد أن يطيلها، وقال أنا أحب أن أزداد من قراءة القرآن، أحب أن أزداد من التسبيح، أحب أن أزداد من الدعاء فأحب أن أطيل ركعتي الفجر، فإننا نقول له: هذا ليس بصحيح، ومنهجك هذا غير صحيح، لأن السنة في سنة الفجر التخفيف كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يخففها حتى تقول عائشة: حتى إني أقول أقرأ بأم القرآن، فلو كان عندنا رجلان أحدهما صلى سنة الفجر على وجهٍ خفيف لكنه محافظ على الطمأنينة، والثاني صلاها على وجهٍ أطول، قلنا: إن الأول أصوب و أفضل من الثاني من أجل موافقة السنة؛ ثم إنه يبين ذلك أيضاً أن الرسول عليه الصلاة والسلام أرسل رجلين في حاجة، فلم يجدا الماء فتيمما فصليا، ثم وجدا الماء في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير