تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الدَّبغ: تنظيف الأذى والقَذَر الذي كان في الجلد بواسطة مواد تُضاف إلى الماء. فإِذا دُبِغَ جلدُ الميتة فإِنَّ المؤلِّف يقول: إِنه لا يطهرُ بالدِّباغ.

فإن قيل:

هل ينجُس جلد الميتة؟

فالجواب: إن كانت الميتة طاهرة فإِن جلدها طاهر، وإِن كانت نجسةً فجلدها نجس.

ومن أمثلة الميتة الطَّاهرة: السَّمك لقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96].

قال ابن عباس رضي الله عنهما: «صيده ما أُخِذَ حيًّا، وطعامه ما أُخِذَ ميتاً».

فجلدها طاهر.

أما ما ينجُس بالموت فإِن جلده ينجُس بالموت لقوله تعالى: {إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُرِجْسٌ} [الأنعام: 145] أي نَجِسٌ، فهو داخل في عموم الميتة.

فإن قيل:

إن الميتة حرام، ولا يلزم من التَّحريم النَّجاسة؟

فالجواب: أنَّ القاعدة صحيحة، ولهذا فالسُّمُ حرام، وليس بنجس، والخمر حرام وليس بنجس على القول الرَّاجح، ولكن الله لما قال: {قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145]،

علَّل ذلك بقوله: «رِجْسٌ» والرِّجس النَّجس، وهذا واضح في أن الميتة نجسة. فإِذاً الميتة نجسة؛ وجلدها نجس؛ ولكن إِذا دبغناه هل يطهُر؟.

اختلَفَ في ذلك أهلُ العلم، فالمذهب أنه لا يطهُر، قالوا: لأن الميتة نجسة العين، ونجس العين لا يمكن أن يطهُر، فروثة الحمار لو غُسِلت بمياه البحار ما طَهُرت، بخلاف النَّجاسة الحُكمية، كنجاسة طرأت على ثوب ثم غسلناه، فإنه يطهُر.

وهذا القياس مع أنَّه واضح جداً، إِلا أنه في مقابلة النصِّ، وهو حديث ميمونة رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم: «مَرَّ بشاةٍ يجرُّونها، فقال: هلاَّ أخذتم إِهابها؟ قالوا: إنها ميتة، قال: يُطهِّرها الماءُ والقَرَظُ»، وهذا صريح في أنَّه يَطْهُر بالدَّبغ.

ولكن قالوا: هذا الحديث منسوخ بما يُروى عن عبد الله بن عُكَيْم قال: «إن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كتب إِلينا: لا تنتفعوا من الميتة، بإِهابٍ ولا عَصَب».

زاد أحمد وأبو داود: «قبل وفاته بشهر».

والجواب على ذلك:

أولاً: أنَّ الحديث ضعيف، فلا يقابل ما في «صحيح مسلم».

ثانياً: أنَّه ليس بناسخ؛ لأننا لا ندري هل قضيَّة الشَّاة في حديث ميمونة قبل أن يموتَ بشهر، أو قبل أن يموت بأيَّام؟ ومن شرط القول بالنسخ العلم بالتَّاريخ.

ثالثاً: أنَّه لو ثبت أنه متأخِّر، فإِنه لا يُعارض حديث ميمونة؛ لأن قوله: «لا تنتفعوا من الميتة بإِهاب ولا عصب» يُحمَلُ على الإِهاب قبل الدَّبغ، وحينئذٍ يُجمع بينه وبين حديث ميمونة.

فإن قال قائل:

كيف تقولون لو دُبِغَ اللحمُ ما طَهُرَ؛ ولو دُبِغَ الجلدُ طَهُرَ؟ وكلها أجزاء ميتة، ونحن نعرف أن الشريعة الحكيمة لا يمكن أن تفرِّق بين متماثلين؟

أجيب من وجهين:

الأول: أنَّه متى ثبت الفرق في الكتاب والسُّنَّة بين شيئين متشابهين، فاعلم أن هناك فرقاً في المعنى، ولكنَّك لم تتوصَّل إِليه؛ لأن إحاطتك بحكمة الله غير ممكنة، فموقفك حينئذ التَّسليم.

الثاني: أن يُقالَ: إِنه يمكن التَّفريق بين اللحم والجلد، فإِن حلول الحياة فيما كان داخل الجلد، أشدُّ من حلولها في الجلد نفسه، لأن الجلد فيه نوع من الصلابة بخلاف اللحوم، والشُّحوم، والأمعاء، وما كان داخله فإِنه ليس مثله، فلا يكون فيه من الخَبَثِ ـ الذي من أجله صارت الميتة حراماً ونجسة ـ مثل ما في اللحم ونحوه.

ولهذا نقول: إنه يُعطَى حكماً بين حكمين:

الحكم الأول: أَنَّ ما كان داخل الجلد لا يَطْهُر بالدِّباغ.

الحكم الثاني: أن ما كان خارج الجلد من الوبر والشَّعر فإِنه طاهر، والجلد بينهما، ولهذا أُعطي حكماً بينهما.

وبهذا نعرفُ سُمُوَّ الشريعة، وأنها لا يمكن أن تُفرِّق بين متماثلين، ولا أن تَجمَع بين مختلفين، وأن طهارة الجلد بعد الدَّبغ من الحكمة العظيمة، ونجاسته بالموت من الحكمة العظيمة؛ لأنه ليس كالشَّعر والوبر والرِّيش، وليس كالشحم واللحم والأمعاء. اهـ.

الشرح الممتع على زاد المستقنع 1/ 85 - 89.

ـ[عبد الرحمن السبيعي]ــــــــ[04 - 12 - 09, 01:37 ص]ـ

الأخ الكريم رائد باجوري بارك الله في عملك ..

الأخ الحبيب عبدالقادر مطهر .. إضافة طيبة .. بارك الله فيك ..

ـ[عبد القادر مطهر]ــــــــ[04 - 12 - 09, 01:53 ص]ـ

الأخ الحبيب عبدالقادر مطهر .. إضافة طيبة .. بارك الله فيك ..

وفيك بارك أخي الكريم،

وأجزل لك المثوبة،

على هذا الموضوع القيِّم.

ـ[عبد الرحمن السبيعي]ــــــــ[06 - 12 - 09, 11:53 م]ـ

.. [توضيح و بيان] ..

ففي الحقيقة أحببت أن أوضح الأمر ولا أُخفيه .. هو أن فكرة هذا الموضوع ليست لي .. وهذا المشروع هو لأخي الحبيب أبا راكان الوضاح الذي يكتب معنا في الملتقى .. كيف ذلك .. ؟

أقول: كان أخي أبو راكان الوضاح قبل أن يسجّل في الملتقى .. كان يكتب باسمي وأنا أذنت له بالكتابة باسمي لأنه كان يدخل دائماً الملتقى مشاهدة و كان يريد أن يشارك الإخوة لكن التسجيل كان مغلقاً في تلك الأيام .. فقلت له: اكتب باسمي حتى يتيسّر لك ذلك .. و كان من ضمن المواضيع التي كتبها , هو هذا المشروع [فإن قال قائل] .. فهو من فكرة أبا راكان فكتبه هنا ولا زال مستمراً .. وبعد أن فتح التسجيل .. سجّل وصار من ضمن الأعضاء .. فقلت له أكثر من مرة:

دعني أنسب الموضوع إليك لأنه من فكرتك وإنشائك .. فقال: لا .. دعه نشارك مع بعض والمقصود الفائدة و هي موجودة والحمد لله .. والأن آن لي أن أقول إنه للأخ أبا راكان الوضاح ..

في إحدى المنتديات الإسلامية , نقل الأخ أبا راكان موضوعه لمنتدى آخر للفائدة .. فشارك أحد أعضاء المنتدى في الموضوع فقال في معنى كلامه:

هذا الموضوع للأخ عبدالرحمن السبيعي الذي يكتب في ملتقى أهل الحديث , فلماذا تنقل الموضوع بحذافيره و نسبته إليك دون نسبته لكاتبه حقيقة ثم نقل رابط ملتقى أهل الحديث .. ولكي لاينسب لأخي أبا راكان الوضاح سرقة المواضيع .. لذلك أحببت التنبيه والتوضيح .. والله أعلم ..

أخوكم المحب عبدالرحمن السبيعي ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير