روى التّرمذي عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَعَطَسْتُ، فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، مُبَارَكًا عَلَيْهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى ". فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم انْصَرَفَ، فَقَالَ: ((مَنْ الْمُتَكَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ؟)) فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَهَا الثَّانِيَةَ: ((مَنْ الْمُتَكَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ؟)) فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَهَا الثَّالِثَةَ: ((مَنْ الْمُتَكَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ؟)) فَقَالَ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ ابْنُ عَفْرَاءَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: ((كَيْفَ قُلْتَ؟)) قَالَ: قُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، مُبَارَكًا عَلَيْهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى. فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ ابْتَدَرَهَا بِضْعَةٌ وَثَلَاثُونَ مَلَكًا أَيُّهُمْ يَصْعَدُ بِهَا)).
فالحجّة في ذلك هو إقرار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وحمدُه لفعل الصّحابيّ، والزّمن زمن تشريع، فعلمنا من ذلك مشروعيّة الإتيان بذلك الذّكر.
• النّقطة الخامسة: ما جاء ذكره من الفروع المذكور يحتاج كلّ فرع إلى بيان حكمه بتفصيل، ولا يتّسع لذلك هذا الردّ المجمل، ولكن احرص على الأخذ بالأصل العامّ: (ما قام الدّليل عليه جملة وتفصيلا فهو المشروع، وما لم يقم الدّليل عليه جملة ولا تفصيلا فهو الممنوع، وما قام الدّليل عليه جملة لا تفصيلا فاعمل به على عمومه ولا تقيّده).
• نصيحة عامّة:
فيأيّها المسلم حيثما كنت .. إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم توفِّي وما ترك شيئا يدلّنا على الله إلا بيّنه واستحبّه لنا، ولا شيئا يبعّدنا عن الله إلاّ بيّنه ونهانا عنه، فالدّين كامل، وفروعه كثيرة، فاحرص على ما شُرع منها، فإنّك ستجدها كافية مغنِية، وتذكّر ما يلي:
أوّلا: لو كانت الزيادة في الدّين من الخير لفعل ذلك أهل الخير، وعلى رأسهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
ثانيا: فيه تكليف الإنسان نفسَه بما لم يكلّفه به الشّرع، وهذا تكلّف مذموم.
ثالثا: فيه البعد عن هدي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: ((مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدّ")) [رواه مسلم]، وقد روى الإمام أحمد بسند صحيح-كما في " الصّحيحة " (346) - عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: ((إِذَا حَدَّثْتُكُمْ حَدِيثاً فَلاَ تَزِيدُنَّ عَلَيَّ)).
وما أحسن ما رواه التّرمذي عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا عَطَسَ إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ! قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَأَنَا أَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَلَيْسَ هَكَذَا عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، عَلَّمَنَا أَنْ نَقُولَ: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ)).
فقد أنكر ابن عمر رضي الله عنه على ذلك الرّجل زيادة " السّلام على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم" وكلّنا متّفقون على أنّها خير، ولكن لمّا كانت في غير موضعها كانت شرّا، ولو فتح هذا الباب لكان هناك من يقول أيضاً عند تكبيرة الإحرام: " الله أكبر العظيم الحيّ القيّوم " بدلا من (الله أكبر)، وهذا باطل، وما جرّ إلى باطل فهو باطل أيضا ..... يتبع
رابعا: أنّ البدع العمليّة الفرعيّة تجرّ في آخر المطاف إلى البدع العقديّة والمخرجة من أهل السنّة.
وخير مثال على ذلك ما رواه الدّارميّ عَنْ عمرو بنِ سلمة قَالَ:
¥