وأما البدعة المذمومة شرعاً فهي ما أحدث في الدين (العقائد أو العبادات) مما لا أصل له في الشرع، وقد عرفها بعض أهل العلم بقوله: البدعة ما أحدث في الدين مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، وأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعاً؛ وإن كان بدعة لغة. جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي.
ومن أمثلة هذا جمع عمر رضي الله عنه للناس على إمام واحد في التراويح، وزيادة عثمان لأذان الجمعة الأول عندما كثر الناس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ... رواه أبو داود.
ولهذا عرف بعضهم البدعة بقوله: كل فعل لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم مع جود المقتضي وعدم المانع فهو بدعة.
ووجود المتقضي في هذه الأمور واضح وله أصل في الشرع كما في التعريف الأول، ونقل صاحب عون المعبود عن الحافظ المنذري قوله: والمحدث على قسمين: محدث ليس له أصل إلا الشهرة والشهوة والعمل بالإرادة فهذا باطل، وما كان على قواعد الأصول أو مردود إليها فليس ببدعة ولا ضلالة.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د. عبدالله الفقيه
النقل الثالث:
فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - (4/ 73)
شبهة في تشريع البدعة
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التاريخ 18/ 08/1425هـ
لا يصح الاحتجاج بمثل هذه الأحاديث لتبرير الابتداع في الدين بما لم يأذن به الله تعالى؛ وذلك لما يلي:
أولاً: أنه باستقراء هذه الأحاديث وما جاء في معناها، نجد أن ما اشتملت عليه من عبادة قد وقع في دائرة المشروع، فمثلاً قول الصحابي، رضي الله عنه، عقب رفعه من الركوع: ( ... حمدًا كثيرًا طيبًا). أخرجه البخاري (799). هو في معنى الحمد المأثور في هذا المحل، ولذا قال الشوكاني- رحمه الله- في نيل الأوطار (2/ 371) تعليقًا على هذا الحديث: (استدل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور) ا. هـ، وكذا ما التزمه بلال، رضي الله عنه- من صلاة ركعتين بعد كل وضوء. انظر صحيح البخاري (1149) وصحيح مسلم (2458). فإنه جاء وفق المشروع، وهذا ما أشار إليه ابن التين فيما حكاه عنه الحافظ ابن حجر- رحمه الله- في الفتح (3/ 34) حيث قال تعليقًا على هذا الحديث: ( ... إنما اعتقد بلال، رضي الله عنه، ذلك؛ لأنه علم من النبي صلى الله عليه وسلم أن الصلاة أفضل الأعمال، وأن عمل السر أفضل من الجهر ... ) ا. هـ.
ثانيًا: أن ما وقع من تلك الأخبار كان في العهد النبوي وفي زمن التشريع، وما يمكن أن يقع من مخالفة شرعية، فإنه لا يقر عليها المخالف، ولهذا اعتبر أهل العلم هذه الأعمال التي أقرها النبي صلى الله عليه وسلم، كسنة الوضوء، وكصيغة التحميد، اعتبروها من السنن المرغَّب فيها؛ بدليل الإقرار- وهو أحد أدلة السنة-بل وبما رتبه النبي صلى الله عليه وسلم، على بعضها من ثواب، كما في حديث بلال، رضي الله عنه، وكما في قصة التحميد، وأنه صلى الله عليه وسلم قد رأى بضعا وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يرفعها، وهذا بخلاف ما يقع من اجتهاد في العبادة بعد عصر التشريع وبعد إكمال الدين؛ فإنه لا يمكن أن يكون عبادة إلا إذا كان وفق السنة
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[25 - 05 - 09, 04:17 م]ـ
القسم الثاني: النتائج:
الذي يظهر والعلم عند الله أن محل الاستفتاح وكذا القيام بعد الركوع هو من الأمر الواسع لا التوقيفي، ولا يتوقف فيه جواز الذكر على المأثور، وذلك لعدة أمور:
الأول: تنويع النبي صلى الله عليه وسلم في صفات الاستفتاح بنحو اثني عشرة صفة، فمرة يسبح، ومرة يكبر، ومرة يمجد، ومرة يدعو: يدل على أن هذا الموطن موطن ذكر، ينبغي أن يتخير فيه العبد أفضل الذكر، ولا ريب أن أفضل الذكر هو المأثور، كما سبق في النقولات عن الشافعي وعن ابن خزيمة وغيرهم.
الثاني: أن هذا هو ما فهمه الصحابة رضوان الله عليهم بعملهم كما ورد في الاستفتاح، وفي الدعاء بعد القيام من الركوع، كما ورد في حديث أنس ورفاعة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وكما نقل الخليفتين الراشدين: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وورد أيضاً عن ابن مسعود وابن عمر، كل ذلك في دعاء الاستفتاح.
الثالث: إقرار النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة الذين أحدثوا الذكر في أيامه: بسلوك هذه الطريقة.
ولا يقال:
¥