تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والرواية الثانية: حكمها حكم البالغة. نص عليه في رواية منصور" ثم استدل ابن قدامة بمفهوم قوله تعالى {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ... }.

فتحمل اليتيمة هنا على من بلغت تسع سنين لكنها لم تبلغ سن الحلم، واستدل أيضا بالأحاديث التي نصت على استئذان اليتيمة، لأن من دون التسع لا إذن لها، فيحمل الإذن على من بلغت تسع سنين. واستدل بأثر عائشة رضي الله عنها " إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة قال ابن قدامة: معناه: في حكم المرأة.

قلت: لكن البيهقي قال: " تعني، والله أعلم، فحاضت، فهي امرأة ". انظر سنن البيهقي [1/ 320].

القسم الثاني: البكر اليتيمة.

وقد اختلفوا في حكم إجبارها. قال ابن قدامة في المغني [9/ 402] " ليس لغير الأب إجبار كبيرة ولا تزويج صغيرة، جَدَّاً كان أو غيره. وبهذا قال مالك وأبو عبيد والثوري وابن أبي ليلى. وبه قال الشافعي، إلا في الجدِّ، فإنه جعله كالأب ... ".

ثم ذكر قول أبي حنيفة أن لغير الأب تزويج الصغيرة، ولها الخيار إذا بلغت، واستدل عليه بقوله تعالى {فإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ... } الآية.

قال " فمفهومه أنه إذا لم يخف فله تزويج اليتيمة، واليتيم من لم يبلغ ... ولأنه ولي في النكاح، فملك التزويج كالأب ".

ثم رجح ابن قدامة القول الأول، وهو منع تزويج الصغيرة اليتيمة بدون إذنها، واستدل عليه بحديث (تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها، وإن أبت فلا جواز عليها)، رواه أبو داوود وغيره، أنظر جامع الأصول [11/ 461].

وبالحديث الآخر (إنها يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها) رواه أحمد [2/ 130] وغيره. قال ابن قدامة " واليتيمة: الصغيرة التي مات أبوها. ولأن غير الأب قاصر الشفقة، فلا يلي نكاح صغيرة، كالأجنبي " ا هـ.

وذكر ابن عبد البر في التمهيد [19/ 98] عن مالك أنه قال " ولا ينكح الجارية الصغيرة أحد من الأولياء غير الأب " ا هـ.

وقال ابن حزم في المحلى [9/ 459] " وأما الصغيرة التي لا أب لها، فليس لأحد أن ينكحها، لا من ضرورة ولا من غير ضرورة حتى تبلغ ".

قلت: ذهب بعض أهل العلم، ومنهم الحنفية، إلى جواز إجبار اليتيمة، إذا زوجها وليها بالكفء، واستدلوا على ذلك بأدلة، منها:

1 - آية سورة النساء {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ... }.

2 - آية سورة الطلاق {واللائي لم يحضن ... }.

3 - نكاح قدامة بن مظعون بابنة الزبير يوم ولدت.

وأجابوا عن الحديثين السابقين في استئمار اليتيمة،بأن المراد باليتيمة في الحديث: اليتيمة البالغة مجازاً، باعتبار ما كان.

لكنهم قالوا: إن إجبار الصغيرة اليتيمة يختلف عن إجبار الصغيرة التي لها أب أو جد، في أن للفتاة اليتيمة الخيار إذا بلغت، ولا خيار لمن لها أب أو جد إذا زوجها، لأن الأب والجد كاملا الرأي وافرا الشفقة.

انظر فتح القدير [3/ 173 - 175] وفقه السنة لسيد سابق [2/ 137].

وقد سئل ابن تيمية عن بنت يتيمة عمرها عشر سنوات، هل يجوز أن تزوج؟.

فأجاب " هذه يجوز تزويجها بكفؤ لها عند أكثر السلف والفقهاء، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد في ظاهر مذهبه، وغيرهما. وقد دل على ذلك الكتاب والسنة ... " ثم استدل بقوله تعالى {وما يتلى عليكم في يتامى النساء .. } مجموع الفتاوى [32/ 43].

وسئل أيضا عن اليتيمة التي لم تبلغ، هل يزوّّّّّجها الحاكم؟ فأجاب " إذا بلغت تسع سنين فإنه يزوجها الأولياء من العصبات والحاكم ونائبه، في ظاهر مذهب أحمد، وهو مذهب أبي حنيفة وغيرهما، كما دل على ذلك الكتاب والسنة ... ".

إلى أن قال " ثم الجمهور الذين جوزوا نكاحها لهم قولان، أحدهما، وهو قول أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين: أنها تزوج بدون إذنها، ولها الخيار إذا بلغت.

والثاني، وهو المشهور في مذهب أحمد وغيره: أنها لا تزوج إلا بإذنها، ولا خيار لها إذا بلغت.

وهذا هو الصحيح الذي دلت عليه السنة، كما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تستأذن اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها، وإن أبت فلا جواز عليها " فهذه السنة نص في القول الثالث الذي هو أعدل الأقوال، أنها تزوج، خلافاً لمن قال: إنها لا تزوج حتى تبلغ فلا تصير يتيمة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير