تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم قال " لكن هاهنا مسألة، وهي أن المرأة إذا عيّنت من ليس بكفء، فإن الأب لا يطيعها، ولا إثم عليه، ويقول: أنا لا أزوجك مثل هذا الرجل أبداً، ولكن إذا عينت كفؤاً، فعلى العين والرأس " ا هـ. باختصار.

قلت: كلام الشيخ العثيمين في منع إجبار البكر البالغ , موافق لعموم الأدلة , وهو اختيار أهل التحقيق , كما تقدم , لكن قوله في منع تزويج البكر الصغيرة غير صواب , فقد تقدم كلام الأئمة في جواز ذلك , وحكاية الإجماع عليه , وقد دلت عليه أيضا نصوص الكتاب والسنة.

أما نصوص الكتاب , فقد ذكرنا آيتي سورة النساء , في حكم تزويج اليتيمة , وهي الصغيرة التي لم تبلغ , وما جاء في سبب نزولها , وهي صريحة في بيان المقصود.

فإذا صح تزويج اليتيمة , كان تزويج الصغيرة التي لها أب من باب أولى.

وكذلك آية سورة الطلاق في عدة المطلقة التي لم تحض بعد , وهي الصغيرة المدخول بها , وعدتها ثلاثة أشهر.

وأما نصوص السنة , فمنها حديث عائشة في تزويجها وعمرها ست سنين. وكذلك الأحاديث الواردة في استئذان اليتيمة.

وقد صح عن جمع من الصحابة أنهم تزوجوا بصغيرات السن , كما تقدم.

تنبيه

لكننا نقول بعد ذلك: إن الصغيرة , يتيمة كانت أو غير يتيمة , لا يحل أن تزوج إلا إذا كان في زواجها غبطة لها ومصلحة , وأما تزويجها لمصلحة الولي , أباً كان أو غيره , فهذا لا دليل عليه , والأدلة تعارض مثل هذا النكاح , ومنها (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى) , فإذا كان قد منع من تزويج اليتيمة إذا لم يقسط لها في المهر , فلأن يمنع من تزويجها بما هو أهم من ذلك من باب أولى. ولا ريب , أن تزويجها بمن لا يصلح لها من الرجال , إما لكونه طاعنا في السن هرماً , لا يقدر على أن يقوم بحقها , أو أن يكون معيباً , أو نحو ذلك , ممن لا يرجى نكاحه , وممن لا يرضاه العاقل المنصف لموليته , لا ريب أن منعها من مثل هذا أولى , فليس هناك غبطة ولا مصلحة للصغيرة ترجى من مثل هذا النكاح.

وليس كبر سن الرجل عيباً على إطلاقه , بل قد يكون كبيراً في السن , لكنه لم يصل إلى درجة الهرم أو الخرف , وقد يكون وافر العقل طيب القلب سمح النفس كريماً جواداً رحيماً , أفضل لها بألف مرة من شاب غليظ الطبع ثقيل الظل قليل المال , ناقص الدين والعقل.

ومن الأدلة أيضاً قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً} [النساء 19] , وقوله تعالى أيضاً {ولا تضاروهن} [الطلاق 6] , مع قوله صلى الله عليه وسلم " لا ضرر ولا ضرار " انظر جامع الأصول (6/ 644) وهو من قواعد الدين وأصوله.

ولهذا فإن ابن عبدالبر قال في التمهيد [19/ 98] ((قال مالك والشافعي وابن أبي ليلى: إذا كانت المرأة بكراً , كان لأبيها أن يجبرها على النكاح , ما لم يكن ضرراً بيناً)) اهـ. وقال في موضع آخر [19/ 101] في تخيير من أكرهت على النكاح " يحتمل أن يكون ورد في من زوجها أبوها من غير كفء ومن يضربها ".

هذا وقد جاءت الشريعة بحفظ الضرورات الخمس، ومنها: النفس. ولا ريب أن هذه الصغيرة لا يؤمن عليها عند من لا يخاف الله فيها ولا يرعاها، وهي أسيرة عند زوجها كما جاء في الحديث " استوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان عندكم " رواه الترمذي [3087] من حديث عمرو بن الأحوص.

والعواني: جمع عانية، وهي الأسيرة.

فالصغيرة إذا كان في تزويجها مصلحة لها وغبطة، فإن لوليها أن يزوجها، وليس ذلك من التعدي على حقوقها، كما يقال في تصرف الوصي في مال اليتيم، فإنه يجوز له أن يشتري له ويبيع دون أخذ إذنه إن كان في ذلك غبطة له، ولا يحل له أن يتصرف في ماله فيما يعود عليه بالضرر، وكذلك يقال في تزويج الصغيرة. لكن إذا كانت يتيمة فإنها لا تزوج إلا إذا بلغت سناً يصلح فيه أن تستأذن وتستأمر.

القسم السادس: الثيب البالغ

وهذه لا ينبغي أن يختلف في حكمها، وأنها لا تزوج إلا بأمرها، ولا إجبار عليها، لا من أب ولا من غيره.

قال ابن قدامة في المغني [9/ 406] " الثيب تنقسم قسمين، كبيرة وصغيرة، فأما الكبيرة فلا يجوز للأب ولا لغيره تزويجها إلا بإذنها في قول عامة أهل العلم، إلا الحسن قال: له تزويجها وإن كرهت.

والنخعي قال: يزوج بنته إذا كانت في عياله، فإن كانت بائنة في بيتها مع عيالها استأمرها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير