تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فَعَمِلَهَا، كَتَبَهَا الله سَيّئَةً وَاحِدَةً".

وحدّثنا يَحْيَىَ بْنُ يَحْيَىَ: حَدّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ فِي هَذَا الإِسْنَادِ بِمَعْنَى حَدِيثِ عَبْد الْوَارِثِ. وَزَادَ: "وَمَحَاهَا الله. وَلاَ يَهْلِكُ عَلَى الله إِلاّ هَالِكٌ".

وفيه أبو الزناد عن الأعرج. أما أبو الزناد فاسمه عبد الله بن ذكوان كنيته أبو عبد الرحمن. وأما أبو الزناد فلقب غلب عليه وكان يغضب منه. وأما الأعرج فعبد الرحمن بن هرمز، وهذان وإن كانا مشهورين وقد تقدم بيانهما إلا أنه قد تخفى أسماؤهما على بعض الناظرين في الكتاب.

وقوله سبحانه وتعالى: (إنما تركها من جراي) هو بفتح الجيم وتشديد الراء وبالمد والقصر لغتان معناه من أجلي. وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب بعشر أمثالها، وكل سيئة يعملها تكتب بمثلها) معنى أحسن إسلامه أسلم إسلاما حقيقيا وليس كإسلام المنافقين، وقد تقدم بيان هذا.

وفيه أبو خالد الأحمر هو سليمان بن حيان بالمثناة تقدم بيانه.

وفيه شيبان بن فروخ بفتح الفاء وبالخاء المعجمة وهو غير مصروف لكونه عجميا علما وقد تقدم بيانه. وفيه أبو رجاء العطاردي اسمه عمران بن تيم، وقيل ابن ملحان، وقيل ابن عبد الله أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، وأسلم عام الفتح وعاش مائة وعشرين سنة، وقيل: مائة وثمانيا وعشرين سنة، وقيل: مائة وثلاثين سنة. وأما فقه أحاديث الباب ومعانيها فكثيرة، وأنا أختصر مقاصدها إن شاء الله تعالى. فقوله لما نزلت: {لله ما في السموات وما في الأرض} {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم الله، فاشتد ذلك على الصحابة رضي الله عنهم وقالوا: لا نطيقها. قال الإمام أبو عبد الله المازري رحمه الله: يحتمل أن يكون إشفاقهم وقولهم لا نطيقها لكونهم اعتقدوا أنهم يؤاخذون بما لا قدرة لهم على دفعه من الخواطر التي لا تكتسب، فلهذا رأوه من قبل ما لا يطاق، وعندنا أن تكليف ما لا يطاق جائز عقلاً، واختلف هل وقع التعبد به في الشريعة أم لا؟ والله أعلم. وأما قوله: فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى فأنزل الله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} فقال المازري رحمه الله في تسمية هذا نسخا نظر، لأنه إنما يكون نسخا إذا تعذر البناء ولم يمكن رد إحدى الاَيتين إلى الأخرى. وقوله تعالى: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه} عموم يصح أن يشتمل على ما يملك من الخواطر دون ما لا يملك، فتكون الاَية الأخرى مخصصة، إلا أن يكون قد فهمت الصحابة بقرينة الحال أنه تقرر تعبدهم بما لا يملك من الخواطر فيكون حينئذ نسخا لأنه رفع ثابت مستقر، هذا كلام المازري. قال القاضي عياض: لا وجه لإبعاد النسخ في هذه القضية، فإن راويها قد روى فيها النسخ ونص عليه لفظا ومعنى بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالإيمان والسمع والطاعة، لما أعلمهم الله تعالى من مؤاخذته إياهم، فلما فعلوا ذلك وألقى الله تعالى الإيمان في قلوبهم وذلت بالاستسلام لذلك ألسنتهم كما نص عليه في هذا الحديث رفع الحرج عنهم ونسخ هذا التكليف، وطريق علم النسخ إنما هو بالخبر عنه أو بالتاريخ وهما مجتمعان في هذه الاَية. قال القاضي: وقول المازري: إنما يكون نسخا إذا تعذر البناء كلام صحيح فيما لم يرد فيه النص بالنسخ، فإن ورد وقفنا عنده، لكن اختلف أصحاب الأصول في قول الصحابي رضي الله عنه نسخ كذا بكذا هل يكون حجة يثبت بها النسخ أم لا يثبت بمجرد قوله؟ وهو قول القاضي أبي بكر والمحققين منهم، لأنه قد يكون قوله هذا عن اجتهاده وتأويله، فلا يكون نسخا حتى ينقل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد اختلف الناس في هذه الاَية، فأكثر المفسرين من الصحابة ومن بعدهم على ما تقدم فيها من النسخ، وأنكره بعض المتأخرين قال: لأنه خبر ولا يدخل النسخ الأخبار، وليس كما قال هذا المتأخر، فإنه وإن كان خبرا فهو خبر عن تكليف ومؤاخذة بما تكن النفوس والتعبد بما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث بذلك وأن يقولوا سمعنا وأطعنا، وهذه أقوال وأعمال اللسان والقلب، ثم نسخ ذلك عنهم برفع الحرج والمؤاخذة. وروي عن بعض المفسرين أن معنى النسخ هنا إزالة ما وقع في قلوبهم من الشدة والفرق من هذا الأمر، فأزيل عنهم بالاَية الأخرى واطمأنت نفوسهم، وهذا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير