وفي قوله "وإنما لكل امرئ ما نوى" شرحه السيوطي بقوله:
" الجملة الأولى لبيان ما يعتبر من الأعمال والثانية ما يترتب عليها وقال النووي أفادت الجملة الثانية اشتراط تعيين المنوي ,كمن عليه صلاة فائتة لا يكفيه أن ينوي الفائتة فقط حتى يعينها ظهرا مثلا أو عصرا وقال ابن السمعاني في أماليه: أفادت أن الأعمال الخارجة عن العبادة لا تفيد الثواب إلا إذا نوى بها فاعلها القربة ,كالأكل إذا نوى به القوة على الطاعة "فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله" إلى آخره. اتحد الشرط والجزاء في الجملتين والقاعدة تغايرهما لقصد التعظيم في الجملة الأولى والتحقير في الثانية"
قوله صلى الله علية وسلم (فمن كان هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله:معناه من قصد بهجرته وجه الله وقع أجره على الله ومن قصد بها دنيا أو امرأة فهي حظه ولا نصيب له فى الآخرة بسبب هذه الهجرة.
والمراد هنا ترك الوطن وذكر المرأة مع الدنيا يحتمل وجهين أحدهما أنه جاء أن سبب هذا الحديث أن رجلا هاجر ليتزوج امرأة يقال لها أم قيس فقيل له مهاجر أم قيس والثانى أنه للتنبية على زيادة التحذير من ذلك وهو من باب ذكر الخاص بعد العام تنبيها على مزيته والله أعلم
(فهجرته إلى ما هاجر إليه) أي منصرفة إلى الغرض الذي هاجر إليه فلا ثواب له لقوله تعالى {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} الشورى20 أو المعنى فهجرته مردودة أو قبيحة
*النية الخالصة لله تعالى أساس كل عبادة:
لقوله تعالى} وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء {(البينة 5)
ولما قالت عَائِشَةَ قالت قلت يا رَسُولَ اللَّهِ بن جُدْعَانَ كان في الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ قال لَا يَنْفَعُهُ إنه لم يَقُلْ يَوْمًا رَبِّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتِي يوم الدِّينِ"
وهذا يعني أنه لم يعمل العمل يوماً وهو يُريد الدار الآخرة، ويرجو رحمة ربه.
. وإخلاص النية الله عز وجل من شروط قبول الأعمال الصالحة، لأن الله تعالى لا يقبل العمل إلا إذا كان خالصا له، موافقا للشريعة، ولما جاء به
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد روي انه جاء رجل إلى النبي ? فقال أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له فقال رسول الله ? لا شيء له فأعادها ثلاث مرات يقول له رسول الله ? لا شيء له ثم قال إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغى به وجهه "
الاعمال فيما بينها تتفاضل بحسب نية العامل وإخلاصه لله في عملة ,فصاحب النية الصادقة اذا عجز عن العمل يلتحق بالعامل في الأجر قال الله تعالىَ" مَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} النساء100
قال رسول الله صلى الله علية وسلم: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما" وفيه أيضا "إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا ما سِرْتُمْ مَسِيرًا ولا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إلا كَانُوا مَعَكُمْ قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قال وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ ".
**تحول العادات إلى عبادات
فإذا كانت العبادات تتحول إلى عادات بفقد النية ,فا العادات تتحول الى عبادات مع وجود النية
فهناك أمور دنيوية مباحة يعملها الإنسان في حياته مثل:الأكل والشرب والنوم ,والعمل ,زيارة أقاربه ... وغيرها.
فإذا أراد بأكله وشربة أن يستعين بذلك على طاعة الله, وبنومه أن يتقوى على قيام الليل, وبعمله إذا أراد به الرزق الحلال ,ونفع المسلمين ,وإذا أراد بزيارته لأقاربه الاستعانة بذلك على القيام بحق الله تعالى في الامتثال لأمره ,وأمر رسوله الكريم. وحقوق قرابته.تحولت هذه العادات إلى عبادات , ففي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لسعد بن أبي وقاص "إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بها وَجْهَ اللَّهِ إلا أُجِرْتَ عليها حتى ما تَجْعَلُ في في امْرَأَتِكَ " وقال ابن القيم "إن خواص المقربين هم الذين انقلبت المباحات في حقهم إلى طاعات وقربات بالنية فليس في حقهم مباح متساوي
¥