تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولكنَّ الله يمنُّ على من يشاء من عباده، وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلاَّ بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون) [إبراهيم: 11]، وقال عن عبده ورسوله محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - معلماً له، وموجهاً له: (قل إنَّما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إليَّ أنَّما إلهكم إلهٌ واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويلٌ للمشركين) [فصلت: 6]، وقال عنه: (وما محمدٌ إلاَّ رسولٌ قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرَّ الله شيئا) [آل عمران: 144]، وقال: (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنَّهم ظالمون) [آل عمران: 128].

إنَّ من يعتقد عقيدة الصوفية المارقة أصحاب وحدة الوجود الذين يجعلون للمخلوق صفات الخالق فإنَّه يعتبر قد أشرك بالله شركاً أكبر، وخرج من الإسلام بإعطائه للمخلوق صفات الخالق جلَّ شأنه وعزَّ سلطانه، وتعالت صفاته.

واسمع إلى مؤلف كتاب " التعلق الصوري والتعلق المعنوي بالجناب النبوي المحمدي - صلى الله عليه وسلم - " في الفصل الرابع (ص 39): " يقول العارف بالله الإمام عبد الكريم الجيلي: (اعلم وفقنا الله وإيَّاك للوقوف ببابه، والعكوف بجنابه؛ أنَّ الله - تعالى - لمَّا أحبَّ نبيه الخاتم - صلى الله عليه وسلم - جعله شفيعاً لخلقه إليه يوم القيامة، وليس لأحدٍ من الخلق عموم الشفاعة سواه) "؛ وأقول: نعم هذه الشفاعة في فصل القضاء التي يعتذر عنها آدم، فمن دونه من الرسل أولي العزم، فإذا وصلت إليه كما في البخاري ومسلم قال: ((فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي عز وجل ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي ثم يقال يا محمد ارفع رأسك سل تعطه واشفع تشفع فأرفع رأسي فأقول أمتي يا رب أمتي يا رب))، فيأمر الله بفصل القضاء، وتكون أمته أوَّل أمة يقضى بينها؛ لهذا يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنَّهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأعطيناه من بعدهم)) رواه مسلم.

لهذا يقول الجيلي: " وسرُّ ذلك أنَّ الأنبياء لم يبعثوا إلى كافة الخلق، وإنَّما بعث إلى كافَّة الخلق محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - فهو مقدمهم وراعيهم، وكلُّ راعٍ مسؤولٌ عن رعيته، فأوجب الله - تعالى - عليه الشفاعة لهم والقيام بمصالحهم دنيا وأخرى "؛ وأقول: لقد أخطأ في هذا المقطع ثلاثة أخطاء، وذلك بسبب المبالغة والغلو الممقوت فقوله: " فهو مقدمهم وراعيهم " أمَّا كونه مقدمهم فلاشك في ذلك فإنَّ له لواء تحشر تحته جميع الرسل - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - وهو أفضل الرسل، وأعلاهم عند الله منزلة، وأكرمهم عنده مقاما، وأفضلهم عنده جاهاً.

وأمَّا كونه: " راعيهم وكلُّ راعٍ مسؤولٌ عن رعيته، فأوجب الله تعالى عليه الشفاعة لهم والقيام بمصالحهم دنيا وأخرى "؛ فأقول: أنَّ الشفاعة لم تكن واجبةً عليه، وإنَّما محبته لنفع الآخرين وما رآه من حاجة الناس إلى ذلك هو الذي دفعه إلى فعل الشفاعة؛ مع ما أعطاه الله من الفضل الذي جعله يكون أهلاً لذلك.

ثانياً: أمَّا كونه مسؤولاً عن رعيته؛ فهذا قولٌ غير صحيح، فالله - تعالى - قال لنبيه: (فذكر إنَّما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر) [الغاشية: 21 – 22]، وقال تعالى: (فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلاَّ البلاغ) [الشورى: 48].

ثالثاً: في قوله: " والقيام بمصالحهم دنيا وأخرى " هذا أيضاً باطلٌ فلم يوجب الله عليه القيام بمصالحهم الدنيوية والأخروية، ولكن بيَّن لهم، وعلَّمهم ما يجب لله عليهم، وما يجب لبعضهم على بعض من الأحكام والشرائع؛ أمَّا أمور الدنيا فكلُّ واحدٍِ مكلَّف أن ينظر في مصلحة نفسه، وأهل بيته، ويعمل الأسباب المؤدية إلى ذلك، وقد ورد: ((أنَّ رجلا من الأنصار أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأله فقال: أما في بيتك شيء؟، قال: بلى حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه من الماء، قال: ائتني بهما، فأتاه بهما فأخذهما - رسول الله صلى الله عليه وسلم - بيده، وقال: من يشتري هذين؟، قال رجل: أنا آخذهما بدرهم، قال: من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثا؟، قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين؛ فأعطاهما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير