تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إياه وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصاري، وقال: اشتر بأحدهما طعاما فانبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدوما فأتني به فأتاه به فشد فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عودا بيده ثم قال له: اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوما، فذهب الرجل يحتطب ويبيع فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هذا خير لك من أن تجىء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع أو لذي دم موجع)) رواه ابن ماجة وأبو داود في سننه واللفظ له، وهكذا كان - صلى الله عليه وسلم - يوجِّه الذي لا يحسن أن يتصرف.

أمَّا كونه - صلى الله عليه وسلم - يكون كما قال الجيلي: " فأوجب الله - تعالى - عليه الشفاعة لهم والقيام بمصالحهم دنيا وأخرى " فهذا لم يقله أحدٌ من أهل العلم المعتبرين.

ثمَّ قال عبد الكريم الجيلي: " فلمَّا كان واسطة الجميع في البداية لأجل الظهور كان واسطتهم في النهاية لأجل النعيم المقيم، فليس في الأزل والأبد وسيلةٌ ولا واسطةٌ، ولاعلةٌ لوجودك ووجود كلِّ خيرٍ لك، ولكل موجود أحدٌ سواه "؛ وأقول: هذا تعبيرٌ من تعبيرات أصحاب وحدة الوجود عليهم من الله ما يستحقون؛ كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أصل الخليقة، وعلتها، وسبب وجودها؛ وهو مولودٌ بين أبوين من قريش في وقتٍ محدد، ومكانٍ محدد، وبيئةٍ محددة؛ أرسله الله جلَّ شأنه إلى العباد ليدلهم على توحيد الله، ويأمرهم بأن يفردوا ربهم بالعبادة، ويبيِّن لهم كيفية العبادة التي أوجبها عليهم أنزل عليه القرآن كتاباً مهيمناً على الكتب كلَّها، وأوحى إليه السنة، فجَّرها على لسانه، وبيَّنها بعمله، فقال جلَّ من قائل: (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبين) [الجمعة: 3]، وقال - تعالى -: (قل إنَّما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إليَّ أنَّما إلهكم إلهٌ واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولايشرك بعبادة ربه أحدا)، وقال - سبحانه -: (الله خالق كلِّ شيءٍ وهو على كلِّ شيءٍ وكيل) [الزمر: 63]، وقال: (أغير الله أتخذ ولياً فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولايطعم قل إني أمرت أن أكون أوَّل من أسلم ولاتكوننَّ من المشركين) [الأنعام: 14]، وقال - سبحانه -: (وما خلقت الجنَّ والإنس إلاَّ ليعبدون، ما أريد منهم من رزقٍ وما أريد أن يطعمون، إنَّ الله هو الرزاق ذو القوة المتين) [الذاريات: 56 – 59].

وأخيراً يا عبد الله: سمعت آيات الله، فافتح المصحف، واقرأ ودع هلوسة المجانين، وإن شئت فدع هراء الكفرة المهوسين؛ الذين يريدون أن يردوا النَّاس إلى الكفر، ويدخلوهم في العقائد المنحرفة الضالة.

إنَّ الصوفية انتكاسٌ، وارتكاسٌ في الكفر الأكبر، والشرك الأفضع، واسمع إلى ربك وهو يقول: (ما كان محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) [الأحزاب: 40]، إياك يا أخي أن تسمع لكلام الصوفية الفجار، وخلطهم، ومرجهم، وكذبهم، وإلاَّ فإنَّهم سيلقون بك في نار جهنم.

ثمَّ قال الجيلي في (ص 39): " فمن الأولى أن تتعلق بجنابه، وتعتكف على بابه؛ ليحصل الميل من الجهتين، فيسرع الوصول إلى المقصود " اهـ.

وأقول: إنَّ الله لم يأمر عباده بالإعتكاف على باب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا السجود له، وإنَّما أمرهم باتباعه، والإهتداء بهديه كما قال - تعالى -: (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء عبادنا وإنَّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيم، صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور)، وقال - تعالى -: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم) [آل عمران: 31]، إنَّ العكوف على باب النبي - صلى الله عليه وسلم - هو العكوف الحسي؛ الذي يراد به العبادة؛ فهو شيءٌ محرَّمٌ؛ ولايجوز لأحدٍ أن يسجد لبشرٍ سواءً كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غيره، ولمَّا جاء معاذ بن جبل فقال يا رسول الله: ((قدمت الشام

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير