تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفيه دليل على أن الله عز وجل في السماء على العرش من فوق سبع سماوات كما قالت الجماعة وهو من حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم إن الله عز وجل في كل مكان وليس على العرش، والدليل على صحة ما قالوه أهل الحق في ذلك قول الله عز وجل الرحمن على العرش استوى وقوله عز وجل ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع وقوله ثم استوى إلى السماء وهي دخان وقوله إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا وقوله تبارك اسمه إليه يصعد الكلم الطيب وقوله تعالى فلما تجلى ربه للجبل وقال أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض وقال جل ذكره سبح اسم ربك الأعلى وهذا من العلو [ص: 130] وكذلك قوله العلي العظيم و الكبير المتعال و رفيع الدرجات ذو العرش و يخافون ربهم من فوقهم والجهمي يزعم أنه أسفل، وقال جل ذكره يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه وقوله تعرج الملائكة والروح إليه وقال لعيسى إني متوفيك ورافعك إلي وقال بل رفعه الله إليه وقال فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وقال ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون وقال ليس له دافع من الله ذي المعارج والعروج: هو الصعود. وأما قوله تعالى أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم فمعناه من على السماء، يعني: على العرش وقد يكون " في " بمعنى " على "، ألا ترى إلى قوله تعالى فسيحوا في الأرض أربعة أشهر أي على الأرض، وكذلك قوله: ولأصلبنكم في جذوع النخل وهذا كله يعضده قوله تعالى: تعرج الملائكة والروح إليه وما كان مثله مما تلونا من الآيات في هذا الباب [ص: 131] وهذه الآيات كلها واضحات في إبطال قول المعتزلة،

وأما ادعاؤهم المجاز في الاستواء، وقولهم في تأويل استوى: استولى فلا معنى له ظاهر في اللغة، ومعنى الاستيلاء في اللغة المغالبة، والله لا يغالبه ولا يعلوه أحد، وهو الواحد الصمد، ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته حتى تتفق الأمة أنه أريد به المجاز ; إذ لا سبيل إلى اتباع ما أنزل إلينا من ربنا إلا على ذلك، وإنما يوجه كلام الله عز وجل إلى الأشهر والأظهر من وجوهه ما لم يمنع من ذلك ما يجب له التسليم، ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدع ما ثبت شيء من العبارات، وجل الله عز وجل عن أن يخاطب إلا بما تفهمه العرب في معهود مخاطباتها مما يصح معناه عند السامعين، والاستواء معلوم في اللغة ومفهوم، وهو العلو والارتفاع على الشيء، والاستقرار والتمكن فيه، قالأبو عبيدة في قوله تعالى: استوى قال: علا قال: وتقول العرب: استويت فوق الدابة، واستويت فوق البيت، وقال غيره: استوى أي انتهى شبابه واستقر فلم يكن في شبابه مزيد قال أبو عمر: الاستواء الاستقرار في العلو، وبهذا خاطبنا الله عز وجل وقال لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وقال واستوت على الجودي وقال فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك وقال الشاعر:

فأوردتهم ماء بفيفاء قفرة وقد حلق النجم اليماني فاستوى

[ص: 132] وهذا لا يجوز أن يتأول فيه أحد استولى ; لأن النجم لا يستولي، وقد ذكر النضر بن شميل وكان ثقة مأمونا جليلا في علم الديانة واللغة ; قال: حدثني الخليل وحسبك بالخليل قال: أتيت أبا ربيعة الأعرابي، وكان من أعلم من رأيت فإذا هو على سطح فسلمنا فرد علينا السلام وقال: لنا استووا فبقينا متحيرين، ولم ندر ما قال؟ قال: فقال لنا أعرابي إلى جنبه: إنه أمركم أن ترتفعوا قال الخليل: هو من قول الله عز وجل ثم استوى إلى السماء وهي دخان فصعدنا إليه فقال هل لكم في خبز فطير، ولبن هجير، وماء نمير، فقلنا: الساعة فارقناه فقال: سلاما، فلم ندر ما قال فقال الأعرابي: إنه سالمكم متاركة لا خير فيها ولا شر. قال الخليل: هو من قول الله عز وجل وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير