تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما نزع من نزع منهم بحديث يرويه عبد الله بن واقد الواسطي عن ابراهيم بن عبد الصمد عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في قوله تعالى الرحمن على العرش استوى على جميع بريته ; فلا يخلو منه مكان ; فالجواب عن هذا أن هذا حديث منكر عن ابن عباس، ونقلته مجهولون ضعفاء، فأما عبد الله بن داود الواسطي وعبد الوهاب بن مجاهد فضعيفان، وإبراهيم بن عبد الصمد مجهول لا يعرف، وهم لا يقبلون أخبار الآحاد العدول فكيف يسوغ لهم الاحتجاج بمثل هذا من [ص: 133] الحديث لو عقلوا أو أنصفوا؟ أما سمعوا الله عز وجل حيث يقول وقال فرعون ياهامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا فدل على أن موسى عليه السلام كان يقول: إلهي في السماء، وفرعون يظنه كاذبا.

فسبحان من لا يقدر الخلق قدره، ومن هو فوق العرش فرد موحد

مليك على عرش السماء مهيمن لعزته تعنو الوجوه وتسجد

وهذا الشعر لأمية بن أبي الصلت، وفيه يقول في وصف الملائكة

فمن إحدى قوائم عرشه ولولا إله الخلق كلوا وأبلدوا

قيام على الأقدام عانون تحته فرائصهم من شدة الخوف ترعد

قال أبو عمر: فإن احتجوا بقول الله عز وجل: وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وبقوله: وهو الله في السماوات وفي الأرض وبقوله ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم [ص: 134] الآية وزعموا أن الله تبارك وتعالى في كل مكان بنفسه وذاته، تبارك وتعالى قيل لهم: لا خلاف بيننا وبينكم وبين سائر الأمة أنه ليس في الأرض دون السماء بذاته، فوجب حمل هذه الآيات على المعنى الصحيح المجتمع عليه، وذلك أنه في السماء إله معبود من أهل السماء، وفي الأرض إله معبود من أهل الأرض، وكذلك قال أهل العلم بالتفسير ; فظاهر التنزيل يشهد أنه على العرش والاختلاف في ذلك بيننا فقط، وأسعد الناس به من ساعده الظاهر، وأما قوله في الآية الأخرى: وفي الأرض إله فالإجماع والاتفاق قد بين المراد بأنه معبود من أهل الأرض فتدبر هذا ; فإنه قاطع إن شاء الله،

ومن الحجة أيضا في أنه عز وجل على العرش فوق السماوات السبع أن الموحدين أجمعين من العرب والعجم إذا كربهم أمر أو نزلت بهم شدة رفعوا وجوههم إلى السماء يستغيثون ربهم تبارك وتعالى، وهذا أشهر وأعرف عند الخاصة والعامة من أن يحتاج فيه إلى أكثر من حكايته ; لأنه اضطرار لم يؤنبهم عليه أحد ولا أنكره عليهم مسلم،

وقد قال - صلى الله عليه وسلم - للأمة التي أراد مولاها عتقها: إن كانت مؤمنة فاختبرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن قال لها: أين الله؟ فأشارت إلى السماء، ثم قال لها: من أنا؟ قالت: رسول الله قال: أعتقها فإنها مؤمنة فاكتفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها برفعها رأسها إلى السماء، واستغنى بذلك عما سواه أخبرنا عبيد بن محمد قال: حدثنا عبد الله بن مسرور قال: حدثنا عيسى بن مسكين قال: حدثنا محمد بن سنجر قال: حدثنا أبو المغيرة قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم قال: [ص: 135] أطلقت غنيمة لي ترعاها جارية لي في ناحية أحد ; فوجدت الذئب قد أصاب شاة منها، وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون فصككتها صكة، ثم انصرفت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فعظم علي قال: فقلت يا رسول الله فهلا أعتقها؟ قال: فأتني بها قال: فجئت بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لها: أين الله؟ فقالت: في السماء، فقال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: إنها مؤمنة فأعتقها مختصر أنا اختصرته من حديثه الطويل من رواية الأوزاعي، وهو من حديث مالك أيضا، وسيأتي في موضعه من كتابنا إن شاء الله،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير