نعم،وفقكم الله، الأمر كما قلتم، بل يمكن أن نذهب إلى أبعد من ذلك فنقول بدون تردد:
إذا أول عالم على طريقة الأشاعرة كل الصفات ولم يثبت منها إلا صفة واحدة فلن يكون أشعريا عند التحقيق ..
لأن المسألة ليست مسالة إحصاء ومقارنة في العدد بين ما أول وما لم يؤول ثم تكون النتيجة هو اعتبار العدد الأكبر كما في فرز أصوات الناخبين ... بل المسألة تتعلق بأصول وقواعد المذهب .. فإثبات صفة واحدة -صفة الاستواء مثلا-هو تقويض لأصل ... وتقويض أصل واحد هو انهيار للمذهب كله ... فلا ينفع هنا الاتفاق مع الاشاعرة في تأويل الصفات الاخرى ... وإثبات تلك الصفة دليل قاطع على أن هذا العالم له منطلق خاص وأنه لم ينطلق من الاصول الجاهزة للمعتزلة أو الاشاعرة ...
ومن هنا أعتبر نسبة البيهقي أو ابن حجر إلى الأشاعرة خطأ ... لأن لهذين الإمامين في بعض الأسماء والصفات كلاما لا يمكن تخريجه على قواعد الاشاعرة ...
وبالمناسبة أشير إلى أن الأشاعرة ليس لهم تحديد إجرائي صارم لأصول مذهبهم ... عكس المعتزلة الذين حددوا مذهبهم في الأصول الخمسة المعروفة فمن أتى بها جميعا فهو معتزلي لا تؤثر مخالفاته الأخرى أما من تخلف عنده أصل واحد فهو غير معتزلي وإن قال بالأربعة كلها ...
وأرى أن عدم التنصيص الواضح على الأصول مقصود عند الاشاعرة ليتأتى لهم جمع كل ما يمكن جمعه ... فتجد المفوض والمؤول أشعريين مع التناقض الكبير في المنهج .. ويمكن لأي صوفي أن ينتمي للأشعرية مع تناقض الرؤية بين المتكلم الاشعري وزميله الصوفي .... وبهذا التعتيم على الأصول أمكن لهم ادعاء انتساب أئمة اللغة والفقه والحديث إلى المذهب الاشعري ودليلهم أن هذا اللغوي أو ذلك المحدث أو ذلك الفقيه أولوا الضحك أو الساق أو النزول ... !!
ماأشبه المذهب المعتزلي بالنادي الذي لا يقبل المنخرط إلا بتسليمه ببنود المنتدى الاساسية .. وما أشبه المذهب الاشعري بمجلس عام تلقى فيه محاضرة يحضرها الموافق والموافق جزئيا والمتعاطف وحتى من أراد النكاية في أصحاب النادي ... ولا خير في النادي المعتزلي ولا في الحفل الأشعري!!
مذهب الاشاعرة إذن مذهب بدون ضفاف، لمصلحة تكثير السواد!!!
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[13 - 12 - 08, 06:27 ص]ـ
هل ينطبق على من أساء الفهم أنه مؤول؟
ماذا لو قرأ تلميذ قصيدة للمتنبي هي مدح فقال عنها هجاء!
هل نحمل جواب التلميذ على محمل الخطأ والوهم .. أم نقول أول كل صفة من صفات المدح على أنها أخرجت من مخرج الاستهزاء!!
أساء الفهم أم جاء ببديع من التأويل!!
هذه مشكلة أخرى من مشاكل التأويل ... خطرت في الذهن وأنا أقرأ تعليقا على مقالي أرشدت إليه في منتدى ...
نقل العضو مقالي إلى منتداهم -وهو مشكور-وصدره بتعليق منه مفاده أن السلفية قالوا اخيرا بالتأويل ... وقد استبشر خيرا بهذه الخطوة متمنيا أن نقوم بخطوات في المستقبل لنلتقي مع الأشاعرة على كلمة سواء!!!!
وهنا انبعث السؤال في الذهن:
هل أخطأ المعلق أم أول؟
علما ان المسافة بين معنى ومعنى مثل المسافة بين الضدين .. المشرق والمغرب ... المدح والهجاء .. العمران واليباب ....
فهل يفهم من المقال أننا كثرنا من سواد الأشعرية إذ انضم إليهم مؤولون جدد ... أم أن المقال يسعى إلى استرجاع أئمة وأعلام حشروا في المحفل الأشعري رغما عنهم ... !!
لاحظوا- أيها الإخوة- أن التكثير مقابل للاسترجاع وضد له ...
فهل يحتمل النص أن يحمل على قطبين متنافيين؟
إلى أين ينتهي سوء الفهم .. ومن أين يبتديء التأويل ... ؟
هل من جواب أيها الإخوة .. فقد احترت!!
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[13 - 12 - 08, 06:32 ص]ـ
لا تتحير يا شيخنا الفاضل.
فهذا ليس بعجيب، بل هو المتوقع.
فقد أخطأ هؤلاء في فهم النصوص الشرعية، وحملوها على ضد معناها، مع أنها كالمحجة البيضاء ليلها كنهارها.
فليس من العجيب أن يخطئوا في فهم كلام أهل العلم، ويحملوه على ضد معناه.
ويجيبك المتنبي نفسه بقوله:
ومن يك ذا فم مر مريض ............... يجد مرا به الماء الزلالا
وهذا المعنى من قوله تعالى: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى}.
وقوله: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا}.
وإليه يشير أيضا قوله صلى الله عليه وسلم ( .... إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ).
¥