تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ب - أن أيَّ قتال وجهاد لا يكون في سبيل الله ولتكون كلمة الله هي العليا؛ فهو جهاد للدنيا؛ أي: أنه ليس في سبيل الله، قال - صلى الله عليه وسلم - حين سئل عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل للمغنم ويقاتل رياء أيّ ذلك في سبيل الله؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله». بل جاء أن أول من تُسَعَّر بهم جهنم يوم القيامة ثلاثة: أحدهم مات في المعركة مجاهداً كما يزعم لكنه قاتل ليقال: جريء، فيقول الله له: كذبت، ثم يؤمر به إلى نار جهنم.

وعلى هذا فأيُّ قتال لدول أو لأفراد لا يراد به إعلاء كلمة الله فليس جهاداً في سبيل الله.

ج - أن تكون غاية الجهاد ونتائجه على أرض الواقع إقامة دين الله وتحكيم شريعته، قال - تعالى -: {الَّذِينَ إن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج: 14].

إذاً؛ ليس الجهاد لأجل طغيان قوم على قوم أو تنفيذ قوانين أمة ونُظمها على أمة أخرى، وإنما هو لإقامة حكم الله على الجميع.

د - الانضباط والتقيُّد بأحكام الله - تعالى - في الجهاد في سبيل الله قبل المعركة وأثناءها وبعدها، وهي آداب وضوابط لا يوجد لها مثيل في أنظمة العالم كله ولن يوجد.

والشاهد التاريخي يشهد بكل وضوح كيف كان جهاد المسلمين الأوائل وكيف حال البلاد التي فتحوها، حيث أخرجوهم من الشرك إلى التوحيد، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن الجور إلى عدل الإسلام، ومن ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام.

وقد شهد بذلك أصحاب البلاد المفتوحة حيث فضَّلوا المسلمين على من كان قبلهم من حكَّامهم، وفتحوا للمسلمين بلدانهم وقلوبهم، ودخلوا في دين الله أفواجاً بلا إكراه.

هـ - والجهاد له غاية وهي إزالة الطواغيت الذين يصدون عن الحق، فإذا ما تحقق ذلك رجعت الأمة إلى السلم والإسلام والإيمان.

3 - الجهاد شريعة الله التي شرعها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن اتَّبعه من المؤمنين إلى يوم القيامة، ولا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق تجاهد في سبيل الله حتى يأتي أمر الله - تعالى - كما جاء بذلك الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وبناء على ذلك؛ فحكمه قائم وباقٍ ولا يملك أحد له إلغاءً أو تأويلاً أو ادِّعاءَ نسخ، أو أنه لعصور سابقة ولا يصلح لعصرنا الحاضر، ونحو ذلك مما يزعمه تلامذة الاستعمار وعبدة الغرب من العَلْمانيين المعاصرين وأذنابهم أو يتأثر بهم من أصحاب الاتجاهات العقلانية المهزومة فكرياً.

4 - إذا تبيَّن ما سبق فخلاصة جواب السؤال:

أ - مسألة التصادم وصدام الحضارات سيأتي الحديث عنها (في جواب السؤال السابع).

ب - ومسألة حرية المعتقد لها تفصيل مرتبط بأحكام شرعية مفصلة في كتب الجهاد وغيرها، والإسلام جاءت أحكامه بإبقاء أهل الذمة من أهل الكتاب على معتقدهم في غير جزيرة العرب بشروط ذكرها العلماء، حيث تكلموا عنها وعن أحكام الردة.

وشواهد التاريخ كثيرة في أن اليهود والنصارى لم يجدوا أحسن حكماً وأَرْأف من المسلمين لما كانوا مطبِّقين لدينهم وأحكام شريعتهم.

ج - ليس مفهوم الجهاد هو أساس التصادم - بالمفهوم الغربي المعاصر - الذي هو الحروب المدمرة التي لا تبقي ولا تذر دون أن يكون له غاية إلا حب التسلُّط والقضاء على الآخرين وإذلالهم.

وإنما مفهوم الجهاد هو أساس التوحيد والإيمان والرحمة بالخلق ونشر الأمن والحياة المستقرة وإسعاد البشر في الدنيا والآخرة.

نعم؛ مفهوم وشريعة الجهاد تصادم رؤوس الكفر والطواغيت ومن شايعهم - كما سبق - والله أعلم.

- البيان -: ينظر بعضهم إلى أيديولوجية صدام الحضارات ذات الصدى في الأوساط الأكاديمية بأنها هي التي تحول دون المقاربة السليمة للعالم الإسلامي مع الغرب؛ فما رأيكم؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير