تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيما إذا شهدت بالإعسار , لأنها إذا شهدت بالتلف , صار كمن لم يثبت له أصل مال أو بمنزلة من أقر له غريمه بتلف ذلك المال , وادعى أن له مالا سواه , أو أنه استحدث مالا بعد تلفه. ولو لم تقم البينة , وأقر له غريمه بتلف ماله وادعى أن له مالا سواه , لزمته اليمين , فكذلك إذا قامت به البينة , فإنها لا تزيد على الإقرار. وإن كان الحق يثبت عليه في غير مقابلة مال أخذه , كأرش جناية , وقيمة متلف , ومهر أو ضمان أو كفالة , أو عوض خلع , إن كان امرأة , وإن لم يعرف له مال , حلف أنه لا مال له , وخلى سبيله , ولم يحبس. وهذا قول الشافعي وابن المنذر فإن شهدت البينة بإعساره , قبلت , ولم يستحلف معها ; لما تقدم. وإن شهدت أنه كان له مال , فتلف , لم يستغن بذلك عن يمينه ; لما ذكرناه. وكذلك لو أقر له به غريمه , وإنما اكتفينا بيمينه ; لأن الأصل عدم المال , لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحبة وسواء ابني خالد بن سواء {: لا تيئسا من الرزق ما اهتزت رءوسكما , فإن ابن آدم يخلق وليس له إلا قشرتاه , ثم يرزقه الله تعالى.} قال ابن المنذر: الحبس عقوبة , ولا نعلم له ذنبا يعاقب به. والأصل عدم ماله , بخلاف المسألة الأولى , فإن الأصل ثبوت ماله , فيحبس حتى يعلم ذهابه. والخرقي لم يفرق بين الحالين , لكنه يحمل كلامه على ما ذكرنا , لقيام الدليل على الفرق.

وفي المحلى:

كتاب المداينات والتفليس

مسألة: ومن ثبت للناس عليه حقوق من مال أو مما يوجب غرم مال ببينة عدل , أو بإقرار منه صحيح: بيع عليه كل ما يوجد له , وأنصف الغرماء , ولا يحل أن يسجن أصلا , إلا أن يوجد له من نوع ما عليه فينصف الناس منه بغير بيع , كمن عليه دراهم ووجدت له دراهم , أو عليه طعام ووجد له طعام , وهكذا في كل شيء لقول الله تعالى: {كونوا قوامين بالقسط}. {ولتصويب رسول الله صلى الله عليه وسلم قول سلمان: أعط كل ذي حق حقه} ; ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {مطل الغني ظلم}. فسجنه مع القدرة على إنصاف غرمائه ظلم له ولهم معا , وحكم بما لم يوجبه الله تعالى قط , ولا رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سجن قط -: روينا من طريق أبي عبيد القاسم بن سلام نا أحمد بن خالد الوهبي عن محمد بن إسحاق عن محمد بن علي بن الحسين قال: قال علي بن أبي طالب: حبس الرجل في السجن بعد ما يعرف ما عليه من الدين ظلم. وقال الحنفيون: لا يباع شيء من ماله , لكن يسجن - وإن كان ماله حاضرا - حتى يكون هو الذي ينصف من نفسه. ثم تناقضوا فقالوا: إلا إن كان الدين دراهم فتوجد له دنانير , أو يكون الدين دنانير فتوجد له دراهم , فإن الذي يوجد من ذلك يباع فيما عليه منها. فليت شعري ما الفرق بين بيع الدنانير وابتياع دراهم , وبين بيع العروض وابتياع ما عليه؟ وإنما أوجب الله تعالى علينا , وعلى كل أحد إنصاف ذي الحق من أنفسنا , ومن غيرنا. ومنع تعالى من السجن بقوله تعالى: {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه} وافترض حضور الجمعة والجماعات. فمنعوا المدين من حضور الصلوات في الجماعة , ومن حضور الجمعة , ومن المشي في مناكب الأرض ومنعوا صاحب الحق من تعجيل إنصافه - وهم قادرون على ذلك - فظلموا الفريقين. واحتجوا بآثار واهية -: منها: رواية من طريق أبي بكر بن عياش عن أنس: {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حبس في تهمة}. ومن طريق عبد الرزاق عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حبس في تهمة}. ومن طريق أبي مجلز: {أن غلامين من جهينة كان بينهما غلام فأعتقه أحدهما فحبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى باع غنيمته} وعن الحسن: {أن قوما اقتتلوا فقتل بينهم قتيل فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحبسهم}. قال أبو محمد: كل هذا باطل , أما حديث أنس ففيه أبو بكر بن عياش وهو ضعيف وانفرد عنه أيضا إبراهيم بن زكريا الواسطي ولا يدرى من هو , وحديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده ضعيف. ومن هذه الطريق بعينها فيمن منع الزكاة: {إنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا} فإن احتجوا به في الحبس في التهمة فليأخذوا بروايته هذه وإلا فالقوم متلاعبون بالدين. فإن قالوا: هذا منسوخ؟ قيل لهم: أترون خصمكم يعجز عن أن يقول

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير