تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قال أحد الطلاب لزميله: لم يزد الشيخ على ما في الشرح!]

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[21 - 09 - 04, 11:38 م]ـ

الحمد لله يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وهو على كل شيء قدير، والصلاة والسلام على محمد خير بشير ونذير أما بعد:فهذه حكاية قرأتها في ترجمة العالم الحنبلي محمد بن عبد الرحمن بن عفالق الأحسائي (1) في كتاب السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة في 3/ 928: هذا نصها:

وكان شخص من أقاربه يقرأ عليه [مع] (2) رفقة له في " قواعد الإعراب " فلما خرج قال لبعض الطلبة: لم يزدنا الشيخ على ما في الشرح، فنُقِلتْ (3) هذه الكلمة إلى الشيخ، فلما كان من الغد، وحضر الطلبة، قال الشيخ لذلك الشخص: اقرأ الدرس الماضي، فقرأه، وشرع الشيخ في التقرير في أبلغ عبارة، وأوسع نقل إلى الضحوة، ثم قال لذلك التلميذ: ما فَهِمْتَ من هذا؟

فقال: لم أفهم شيئا منه، فقال: لهذا لم أزدك على ما في الشرح. (4) اهـ.

هذه المسألة "التدرج في التعليم"، وإعطاء الطلاب ما يدركون، وترك التعمق فيما لا يفهمونه، وتقسيمهم طبقات، منهج معروف في ذاك الزمان، وقبله، وبعده، أما الآن فقل، أو انعدم من يفعله، وهذا يُحدث خللا كبيرا في التلقي، فالطالب المبتدئ الذي يحضر درسا، ثم يجد الشيخ يتوسع بكل ما آتاه الله من قدرة سيخرج كما خرج هذا: لم يفهم شيئا.

كما أن الطالب الفطن المتقدم في الطلب إذا حضر درسا للشيخ لم يزد فيه الشيخ شيئا على معلومه، سيفتر، أو يقف عن الحضور، لأنه لم يجد أهم ما جاء من أجله.

والتعليم فن يحتاج إلى إتقان، وبعد نظر

فكم رأيتم مَن بدأ بكتاب مختصر في أحد الفنون كالعمدة في الفقه، مثلا للمبتدئين فطول العبارة، وتوسع في ذكر الفروع، والخلاف، والكلام على علل الأدلة .. الخ، فصار الكتاب أوسع من المغني، والمجموع، وهو درس للمبتدئين!

وكمن شرح النخبة فزاد في بعض مباحثه على فتح المغيث .. والضحية مَن خرج، ولم يفهم، بل ربما ترك طلب العلم مطلقا.

فهلا طبق ذلك المشايخ، وطلبة العلم؟

والعجيب أنك دائما تسمع الوصية للطلبة بالتدرج، ثم يقل أن تجد من يطبق.

ومن صور الفوضى في ذلك أن يَترك الشيخ للطالب اختيار الكتاب الذي يريده، فيجهز الطالب على كتاب كبير ليس منه بسبيل، أو علم هو فيه دخيل.

وعكسها أن ينظر الشيخ لمصلحته هو، فيأمر الطالب أن يقرأ عليه في كتاب يريده هو، فينظر مصلحته، وينسى ما ينفع التلميذ المسكين، وهذا فيه نوع غش لهذا الطالب المسكين فليس من النصح للمسلمين ـ وقد وقفت على شيء من ذلك ـ.

هذه خواطر كانت تجول في الذهن من زمن مررت بهذه القصة، فكانت مناسبة لها.

والله أعلم، والسلام عليكم ورحمة الله، وبركاته.


(1) هذا الرجل من المتعصبين ضد دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ـ نعوذ بالله ـ كما في ترجمته هناك.
(2) في المطبوع: من، وأظن الصواب ما أثبت.
(3) هذه نميمة قبيحة، وكان الأولى بهذا الناقل أن لا يسمي من نقل بل يذكر الكلام على الإبهام.
(4) يبدو أن هذا الشيخ حريص على هذا الذي ذكرت ففي ترجمته أنه قال عند موته لتلميذه: في صدري أربعة عشر علما لم أسأل عن مسألة منها قبلك. 3/ 928.

ـ[أبو علي]ــــــــ[22 - 09 - 04, 12:20 ص]ـ
السلام عليكم
لقد صدقت أخي عبدالرحمن فيما قلت.
من أعجب ما سمعت عن صبر الشَّيخ في التَّعليم؛ ما حدثَ لشيخنا محمَّد الحديثيِّ حفظه اللهُ.
ذلك أنَّ كُلَّ من أراد القراءة عليه، بدأ بثلاثة الأصولِ شرح ابن عثيمين، حتَّى أنَّ بعضَ الإخوةِ كرَّره عليه خمس مرَّاتٍ. وكلُّ من أتى إليه أقرأه هذا الكتابَ حتَّى لو كان للتَّوِ قد فرغ منه؛ بل يأمر الطَّالبَ المبتديء بذلك، ولا يملُّ من تَكرارهِ له.
والشَّيخ من العجائب في سمتهِ و خلقهِ وسماحته.

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[30 - 09 - 04, 11:41 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله، وجزاك الله خيرا على الإضافة

وللشيخ عبدالقادر بدران في كتابه المدخل إلى مذهب الإمام أحمد ص 485 - 492: لطائف وقواعد نافعة للمتعلمين، والمعلمين.

.

ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[30 - 09 - 04, 03:38 م]ـ
- أحسنتم ... أبا عبدالله ..
وهناك قضيَّةٌ يجب التنبُّه لها.
ألا وهي قراءة العرض والمذاكرة التي تكون بين كبار الطلاَّب والشيخ المتبحِّر، فلا يصلح للطالب المبتديء حضور مثل هذه المجالس، لأنَّ البحث فيها إنما يكون في العويص والمشكل على الأكابر.
ولا يصلح للشيخ أن يشرح كلَّ شيءٍ من مبتدءات العلم الذي يقرأ فيه؛ لأنَّ المجال ليس كذلك.

- وطريقة (العرض) والقراءة التي يقوم بها بعض الطلبة على بعض كبار الشيوخ تكون في الغالب للاستذكار والمدارسة وتحرير ما يهم تحريره، والتعليق المقتضب على الأهم.

- وكثير من دروس الشيخ ابن باز كانت على هذا النحو، أعني قراءةً على الشيخ، وتعليقاً منه بما تيسَّر مما يراه مهمَّاً.
- ومنه دروس الشيخ عبدالله بن غديان، أو بالأحرى (الكتب التي تقرأ عليه) في مسجد الإفتاء.
فالشيخ يُقرأ عليه كلام طويل من كتبٍ شتَّى فليخِّص المهم ويعلِّق على الأهمِّ منه.
- ومن هذا ما يُسمَّى: بـ (سمْ .. برَكة).
- وقد يقرأ الطلاب أحياناً كلاماً طويلاً - مشكلاً بعض الشيء ‍! - فيقول الشيخ: هذا كلام واضحٌ جداً، هل عندكم فيه إشكال؟ ‍‍
وعليه فإني لم أرَ حضر عنده في الغالب إلاَّ الفاهم.

- لذا قد لا يرى الطالب المبتديء الذي يحضر مثل تلك الحلق المباركة فائدة كبيرة، لأنَّ القوم يخوضون في أمورٍ لم يفهم أصولها بعدُ.
- وقد يحضر عنده بعضهم، ثم يقول عقب الدرس: لم أفهم شيئاً.
وقد يزيد بعضهم فيقول: الشيخ لا يحسن يشرح؟!
وصدق أبوالطيب إذ قال:
وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً * * * وآفته من الفهم السقيمِ
ولكن تأخذ الآذان منه * * * على قدر المدارك والفهومِ

- وفي بداية درسٍ لأحد الأساتذة في (تدريب الراوي للسيوطي) قال أحد الطلبة الذين لا يفهمون شيئاً في المصطلح: ما فائدة هذا العلم الذي تدرسونه؟
وقال آخر: ما معنى حديث مرسل؟
وقال ثالث: ما معنى موضوع؟
- وهذه محنةٌ للأستاذ، إذ سيضيع كثير من الوقت في العودة إلى المبتدءات ‍!
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير