تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حقيقة المعلوم من الدين بالضرورة]

ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[03 - 10 - 04, 12:00 م]ـ

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله

يجب أن يعلم بأن المعلوم من الدين بالضرورة على قسمين:

الأول: ما يوجب العقل إدراكه و أتى الشرع بإثباته و تفصيله و ترتيب العقوبه على مخالفه و ما يوجب العقل إدراكه كذلك على قسمين من المعلوم من الدين بالضرورة و قسم غير معلوم من الدين بالضرورة فأما ما كان معلوم من الدين بالضرورة فمخالفه كافر لا يعذر بجهل و لا تأويل و من هذا إفراد الله بالعبادة و إثبات ربوبية الخالق و إثبات أسماء الله و صفاته التي بنفيها ينتفي استحقاق الله تعالى للألوهية.

و أما ما يوجب العقل إدراكه و لكن ليس من الدين بالضرورة بعض جزيئات الأسماء و الصفات كإنكار عموم قدرة الله تعالى مع الإيمان بقدرة الله و خلقه كما هو قول المعتزلة بنفيهم لخلق الله تعالى لأفعال العباد التي فيها شر تنزيها لله تعالى بزعمهم لذا لم يكفر السلف مثل هذا الصنف إلا بعد إقامة الحجه بخلاف من أنكر علم الله تعالى و قال بأن الأمر أنف و أن الله تعالى لا يعلم الشئ إلا بعد وقوعه فهذا من القسم الأول و هو الذي يوجب العقل إدراكه و من المعلوم من الدين بالضرورة و هم المعتزلة نفاة العلم و هؤلاء كفرهم السلف و لم يعذروهم بجهل و لا تأويل و أجمعوا على كفرهم.

و هنا مسألة تكلم عليها بعض أهل العلم منهم شيخ الإسلام بن تيمية و هي لو أن أحدهم يقر بعلم الله تعالى على العموم و لكن جهل جزئية من جزئيات علم الله تعالى كمن جهل أن الله تعالى يعلم ما يخفي الإنسان في قلبه و يكتمه قال بعضهم إذا كان هذا يقر بعلم الله تعالى على العموم و يقر بأن الله تعالى يعلم بالأشياء قبل وقوعها فإن لا يكفر و يعذر بجهله و استدل شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله بحديث عائشه رضي الله عنها

قال رحمه الله (فغاية ما فى هذا انه كان رجلا لم يكن عالما بجميع ما يستحقه الله من الصفات وبتفصيل انه القادر وكثير من المؤمنين قد يجهل مثل ذلك فلا يكون كافرا

ومن تتبع الاحاديث الصحيحة وجد فيها من هذا الجنس ما يوافقه كما روى مسلم فى صحيحه عن عائشة رضى الله عنها قالت (الا احدثكم عنى وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا بلى قالت لما كانت ليلتى التى النبى فيها عندى انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعها عند رجليه وبسط طرف إزاره على فراشه واضطجع فلم يثبت الا ريثما ظن انى رقدت فأخذ رداءه رويدا وانتقل رويدا وفتح الباب رويدا فخرج ثم اجافه رويدا فجعلت درعى فى رأسى واختمرت وتقنعت ازارى ثم انطلقت على أثره حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام ثم رفع يديه

ثلاث مرات ثم انحرف فانحرفت واسرع فأسرعت فهرول وهرولت وأحضر وأحضرت فسبقته فدخلت فليس الا ان اضطجعت فقال مالك يا عائشة حشيى رابية قالت لا شىء قال لتخبرينى أو ليخبرنى اللطيف الخبير قالت قلت يا رسول الله بأبى أنت وأمى فأخبرته قال فأنت السواد الذى رأيت أمامى قلت نعم فلهزنى فى صدرى لهزة اوجعتنى ثم قال أظننت ان يحيف الله عليك ورسوله قالت قلت مهما يكتم الناس يعلمه الله قال نعم قال فان جبريل عليه السلام أتانى حين رأيت فنادانى فأخفاه منك فأجبته واخفيته منك ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك وظننت انك رقدت وكرهت ان أوقظك وخشيت ان تستوحشى فقال ان ربك يأمرك ان تأتى أهل البقيع فتستغفر لهم قلت كيف أقول يا رسول الله قال قولى السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وانا ان شاء الله للاحقون

فهذه عائشة أم المؤمنين سألت النبى هل يعلم الله كل ما يكتم الناس فقال لها النبى نعم وهذا يدل على انها لم تكن تعلم ذلك ولم تكن قبل معرفتها بأن الله عالم بكل شىء يكتمه الناس كافرة وان كان الاقرار (بذلك (

بعد قيام الحجة من أصول الايمان وانكار علمه بكل شىء كانكار قدرته على كل شىء هذا مع انها كانت ممن يستحق اللوم على الذنب ولهذا لهزها النبى وقال أتخافين ان يحيف الله عليك ورسوله وهذا الأصل مبسوط فى غير هذا الموضع

فقد تبين أن هذا القول كفر ولكن تكفير قائله لا يحكم به حتى يكون قد بلغه من العلم ما تقوم به عليه الحجة التى يكفر تاركها)

و كذلك حديث الرجل الذي ذرى نفسه كما في الصحيحين و غيرهما.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير