تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومع هذه الشِّدة رجع إلى قومه بهذه الصورة المشرقة التي نقلها بكل صدق وأمانة لقومه، وعرض عليهم ما عَرَضَه عليه رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم.

كان هذا مع أئمة الكفر

فماذا كان مع أئمة النفاق؟!

لما كان في غزوة تبوك قال النبي صلى الله عليه على آله وسلم: إنكم ستأتون غداً إن شاء الله عين تبوك، وإنكم لن تأتوها حتى يُضحي النهار، فمن جاءها منكم فلا يمسّ من مائها شيئا حتى آتي. فجئناها وقد سبقنا إليها رجلان والعين مثل الشراك تَبِضّ بشيء من ماء. قال فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل مسستما من مائها شيئا؟ قالا: نعم. فسبهما النبي صلى الله عليه وسلم وقال لهما ما شاء الله أن يقول. رواه مسلم.

يحتاج المُعاند إلى أن يُعامل بشيء من الشدة والغلظة.

وروى مسلم عن سلمة بن الأكوع – رضي الله عنه – أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال: كُلْ بيمينك. قال: لا أستطيع! قال: لا استطعت. ما منعه إلا الكبر. قال: فما رفعها إلى فيه.

فقوله: لا استطعت. من باب الدعاء عليه.

فما فعها إلى فيه: أي ما رفع يده إلى فمِه.

أليست هذه شِدّة في الإنكار؟

وثمة مواقف أُخر ظهرت فيها الشِّدّة في التعامل مما يدلّ على أن الرفق واللين ليس هو التعامل السائد أو الحل الدائم.

حَدّث أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع إلى حفصة ابنة عمر رجلاً فقال: احتفظي به. قال: فَغَفَلَتْ حفصة، ومضى الرجل، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا حفصة ما فعل الرجل؟ قالت: غفلت عنه يا رسول الله فخرج. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قطع الله يدك. فَرَفَعَتْ يديها هكذا، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما شأنك يا حفصة؟ فقالت: يا رسول الله قلت قبل لي كذا وكذا! فقال لها: ضعي يديك، فإني سألت الله عز وجل أيما إنسان من أمتي دعوت الله عليه أن يجعلها له مغفرة. رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح.

وروى البيهقي مثل هذه القصة وأنها قعت لعائشة – رضي الله عنها –

والرجل المدفوع إلى حفصة – رضي الله عنها – إما كان أسيراً أو محبوساً ولم يكن له قيد.

وفي صحيح مسلم عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل، فنزعه فطرحه، وقال:يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده. فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم: خُذ خاتمك انتفع به. قال: لا والله لا آخذه أبدا، وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والنّزع يدل على الشِّدّة.

وعلى هذا سار أصحاب النبي صلى الله عليه على آله وسلم في التعامل بقوّة وشِدّة فيما يحتاج إلى الشدّة.

روى مسلم عن عمارة بن رؤيبة – رضي الله عنه – أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعا يديه فقال: قبّح الله هاتين اليدين! لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بإصبعه المسبحة.

وكان حذيفة بالمدائن فاستسقى، فأتاه دهقان بقدح فضة، فرماه به، ثم قال: إني لم أرمه إلا أني نهيته فلم ينته، وإن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن الحرير والديباج والشرب في آنية الذهب والفضة وقال: هن لهم في الدنيا، وهي لكم في الآخرة. متفق عليه.

وهذا عبد الله بن عمر يُحدّث فيقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تمنعوا نساءكم المساجد إذا استأذنوكم إليها.

فقال بلال بن عبد الله بن عمر: والله لنمنعهن!

قال سالم بن عبد الله بن عمر: فأقبل عليه عبد الله فسبّه سبّاً سيئا ما سمعته سبه مثله قط، وقال: أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: والله لنمنعهن؟! متفق عليه.

ما رأيكم:

لو جاء مُدخِّن تفوح منه روائح التدخين

أو جاء عامل ملابسه كلها زيوت أو دهانات

فأمسك بهم إمام المسجد أو المُحتَسِب (رجل الهيئة) ثم طردوا عن المسجد أو من المسجد!

ماذا يكون موقف المُشاهِد لذلك الموقف؟؟؟

سيقول:

ما بالكم تُنفِّرون الناس!

إن منكم مُنفّرين

تعاملوا بلطف!

لا تُضيّقوا على عباد الله!

ما كان الرفق في شيء إلا زانه.

وربما تلا الآية (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ)

لكن هذا الفعل أو التصرف هو ما كان يحدث في زمن النبي صلى الله عليه على آله وسلم.

قال عمر – رضي الله عنه –: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع، فمن أكلهما فليمتهما طبخا. رواه مسلم.

يعني البصل والثوم.

قال بعض أهل العلم: وإنما يُخرجون إلى البقيع لأنه جهة المقبرة، والموتى لا يتأذّون بتلك الروائح!

وينبغي التفريق في التعامل بين الجاهل الذي يحتاج إلى تعليم، وبين المُعاند.

ويدلّ على ذلك حديث معاوية بن الحكم السلمي – رضي الله عنه –، وهو في صحيح مسلم.

والحديث مع شيء من فوائده طرحته في أحد المنتديات، وقد وضعته على هذا الرابط خشية الإطالة أكثر مما أطلت.

فالحديث بتمامه وفوائده هنا:

حديث معاوية بن الحكم السلمي – رضي الله عنه – ( http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/41.htm)

وما هذه إلا أمثلة لم أُرِد بها الحصر.

كتبه

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير