تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحديث عائشة رضي الله عنها له حكم الرفع، قال أبو العباس القرطبي رحمه الله تعالى في: ((المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم)) (3/ 205): ((وحديث عائشة هذا وإن لم تُصرِّح فيه برفعه إلى رسول الله r فإنه يُعلم أنه لا يخفى مثله عنه، ولا أن أزواجه يَنْفردن بآرائهنَّ في مثل هذا الأمر المهم الضروري، فالظاهر أن ذلك عن إذن النبي r ، وتسويفه لهنَّ ذلك)).

، والثاني: النظر. حيث إن وقت القضاء لرمضان موسَّع، لقوله تعالى:) فعدة من أيام أُخَر قال ابن بَطَّال رحمه الله في: ((شرح البخاري)) (4/ 95): ((وأجمع أهل العلم على أن من قضى ما عليه من رمضان في شعبان بعده: أنه مُؤَدٍّ لفرضه غير مُفرِّط)).

والمقرّر عند الفقهاء: أن الواجب الموسَّع يجوز الاشتغال بالتطوع من جنسه قبل الاشتغال به؛ لذا قال ابن رجب رحمه الله في: ((القواعد)) (ص:13): ((القاعدة الحادية عشرة: من عليه فرض، هل له أن يتنفَّل قبل أدائه بجنسه أم لا؟ هذا نوعان: أحدهما: العبادات المَحْضَة، فإن كانت موسَّعَة جاز التنفّل قبل أدائها كالصلاة بالاتفاق، وقبل قضائها أيضاً كقضاء رمضان على الأصح)).

لكن لا شَكَّ أن الأَوْلى المسارعة إلى القضاء وتقديمه، لما أخرجه البخاري في: ((صحيحه)) عن أبي هريرة أن الرسول r قال: قال الله تعالى: ((وما تَقَرَّبَ إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضتُ عليه) وهو معنى قول سعيد بن المسيب في صوم العشر: (لا يصلح حتى يبدأ رمضان) أخرجه البخاري معلَّقاً، قال بدر الدين العيني رحمه الله في: ((عمدة القاري)) (11/ 54): ((معنى هذا الكلام: أن سعيداً لما سُئل عن صوم العشر، والحال أن على الذي سأله قضاء رمضان، فقال: لا يصلح حتى يبدأ أولاً بقضاء رمضان، وهذه العبارة لا تدل على المنع مطلقاً، وإنما تدل على الأولوية، والدليل عليه: ما رواه ابن أبي شيبة عن عبدة عن سفيان عن قتادة عن سعيد أنه كان لا يرى باساً أن يُقضى رمضان في العشر)).

وقال الحافظ رحمه الله في: ((الفتح)) (4/ 223): ((ظاهر قوله جواز التطوع بالصوم لمن عليه دَيْن من رمضان، إلا أن الأَوْلى له أن يصوم الدَّيْن أولاً لقوله: ((لا يصلح)) فإنه ظاهر في الإرشاد إلى البداءة بالأهم والآكد)).

........... تنبية ...........

لا يَصِحّ إيقاع النَّفْل قبل القضاء في حالتين:

، الأولى: من أراد أن يُتْبِع رمضان بستٍ من شوال، لظاهر حديث أبي أيوب الأنصاري t أن رسول الله r قال: ((من صام رمضان ثم أَتْبعه ستاً من شوال فذاك صيام الدهر)) أخرجه مسلم. فلا يَصِح أن تُصَام السِّت قبل قضاء رمضان لِمَنْ عليه قضاء.

، والثانية: إذا ضاق وقت القضاء، وذلك إذا لم يَبْقَ من شعبان الثاني إلا ما يكفي للقضاء، وفي حديث عائشة رضي الله عنها السابق دلالة على ذلك، حيث قالت فيه: ((كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان)).

قال بدر الدين العيني رحمه الله في: ((عمدة القاري)) (11/ 56): ((ومما يستفاد من هذا الحديث: أن القضاء موسَّع ويصير في شعبان مضيقاً، ويؤخذ من حرصها على القضاء في شعبان أنه لا يجوز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان)). هذا والله أعلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير