تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس، ومن حديث عائشة، ومن حديث أبي هريرة، ومن حديث أبي سلمة وغيرهم، في لعن اليهود والنصارى، قال: , لعن الله اليهود والنصارى - وفي لفظ: , قاتل الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد - وفي لفظ: , إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم… - وفي اللفظ الآخر عند مسلم: , وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد -.

وفي مسلم عن جندب، أنه كان -عليه الصلاة والسلام- قال قبل أن يموت بخمس: , إن من كان قبلكم، كانوا يتخذون قبورهم أنبيائهم وصالحيهم مساجد -.

حذر من ذلك -عليه الصلاة والسلام- حتى مات، ونهى عنه قبل موته بخمس ليال؛ تشديدًا وتشنيعا في هذا الأمر لمن فعله، وخالف نهيه عليه الصلاة والسلام.

قوله: , لا تشدوا الرحال - أو , لا تشد الرحال إلا إلى ... - قوله: , إلا إلى ثلاثة مساجد - هذا فيه تقديران:

التقدير الأول: لا تشد الرحال إلا إلى مسجد، إلا إلى ثلاثة مساجد.

والتقدير الثاني: لا تشد الرحال إلى بقعة، إلا إلى ثلاثة مساجد. وهذا التقدير مقدر بالاتفاق؛ لأن المراد تشد الرحال، إما إلى البقاع أو إلى المساجد؛ لأنه لما استثناه , إلا إلى ثلاثة مساجد - والمستثنى إما أن يكون من جنس المستثنى منه، فيكون المعنى:أنه إلى مسجد. ففيه نهي عن شد الرحال إلى جميع المساجد، وأنه لا يجوز أن يشد الرحل، شد الرحل معناه: الركوب والسفر إليها. , إلا إلى ثلاثة مساجد -.

فإذا كان نهى عن شد الرحال إلى المساجد، والمساجد لها فضلها، ولها تعظيمها ومنزلتها في الإسلام -فإذن غيرها من البقاع من باب أولى، فلا تشد الرحال إلى القبور، وإلى أماكن أخرى غيرها تعظم من باب أولى، فيكون من باب فحوى الخطاب، وأنه أولى أن ينهى عن شد الرحال إلى هذه الأماكن الأخرى، التي هي غير المساجد.

وإن كان التقدير: لا تشد الرحال إلى بقعة، فيكون عاما في جميع البقاع: مساجدها وغير مساجدها، فإذا شمل المساجد بعمومه، يشمل غير المساجد من باب أولى، وإذا شمل المساجد بخصوصه، وقدرنا قوله لا تشد الرحال إلى مسجد، فيشمل غيره من باب أولى.

, إلا إلى ثلاثة مساجد - هذه المساجد الثلاثة هي التي يشد الرحل إليها: المسجد الحرام -والمسجد الحرام باتفاق أهل العلم، يجب شد الرحل إليه لمن وجب عليه الحج، واستطاع إليه سبيلاً، أنه يجب أن يشد الرحل إليه، على خلاف في الاستطاعة، وأعظم ما يكون بقصده للصلاة والطواف وسائر أعمال الخير- وكذلك المسجد (مسجده -عليه الصلاة والسلام-)، والمسجد الأقصى، فتقصد هذه المساجد.

وقصد المسجد الحرام لأجل الطواف، ولأجل أيضًا أن يمسح بما شرع مسحه: من الحجر والركن اليماني وغير ذلك، إذا كان شد الرحل لأجل الحج، أيضًا زيارته لهذه الأماكن في الحج، أما مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-، فشد الرحل إلى المسجد وليس فيه بقعة، ولا مكان يطاف به ولا يتمسح به باتفاق أهل العلم، إنما اختلف في وضع اليد على المنبر، جاء عن أحمد -رحمه الله- ما يدل على جوازه، وجاء ما يدل على المنع وسد الباب للذريعة، وأنه لا يشرع وضع اليد عليه؛ لأنه ليس من هديه عليه

السلف، ولم ينقل عنهم -رضي الله عنهم-، وكذلك المسجد الأقصى أيضا شد الرحل إليه، لأجل الأعمال الصالحة: من صلاة وقراءة وذكر، وليس هنالك شيء أو مكان يطاف به، أو يتمسح به في هذه الأماكن، إلا ما جاء في المسجد الحرام في هذه المواضع الخاصة.

س: ما حكم السفر من أجل العزاء؟

ج: السفر من أجل هذا سفر لقربى، والسفر للقرب مشروع، كإنسان يسافر مثلا لزيارة صديقه، يسافر لطلب العلم، يسافر لأجل زيارة مريض، هذا أمر مشروع، لا بأس بذلك. إنما النهي عن السفر للبقع، أن تسافر إلى بقعة تعظمها , لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد - فالمعنى إلى بقعة تعظم وتعبد.

فلا يسافر إلى القبور، ولا إلى المساجد من سوى هذه الثلاثة، أما كونك تسافر مثلا للتعزية فأنت لم تقصد مثلا تعظيم بقعة معينة، ولا تعظيم مسجد معين، إنما قصدت أن تسافر لأجل أن تعزي فلانا، سواء كان في هذا البلد، أو في هذا البلد، وفي هذا البيت، أو في هذا البيت، مثل لو أراد أن يسافر الإنسان لزيارة إنسان، أو لزيارة مريض، فقصد تحصيل هذه المصلحة.

كما في الخبر ذلك الرجل الذي ذهب زار أخا له , فأرصد الله ملكا على مدرجته قال: له هل لك نعمة تربها عليه؟ قال: لا، قال فإني رسول الله إليك، إن الله أدخلك الجنة - أو كما قال -عليه الصلاة والسلام- فالمقصود أن مثل هذا يظهر أنه لا بأس به، لما يترتب على التعزية من المصالح. نعم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير