قال: "يلتقى الماءان، فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أنثت"
قالوا: أخبرنا ما حرَّم إسرائيل على نفسه.
قال: "كان يشتكى عرق النسا فلم يجد شيئا يلائمة إلا ألبان كذا وكذا فحرَّم لحومها" قالوا: صدقت، قالوا: أخبرنا ما هذا الرعد.
قال: "ملكٌ من ملائكة الله عز وجل موكَّل بالسحاب بيده أو في يده مخراق من نار يزجر به السحاب يسوقه حيث أمر الله".
قالوا: صدقت، إنما بقيت واحدة، وهى التي نبايعك إن أخبرتنا بها، فإنه ليس من نبي إلا له ملكٌ يأتيه بالخبر، فأخبرنا مَنْ صاحبُك؟
قال: "جبريل عليه السلام".
قالوا: جبريلُ ذاك الذي ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا!!
لو قلتَ ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان.
فأنزل الله عز وجل: (من كان عدوا لجبريل) إلى آخر الآية.
هذا الحديث أخرجه الترمذي في جامعه (3117) والنسائي في الكبرى (9072) وأحمد في مسنده (2483) والحربي في غريب الحديث (2/ 688) والطبراني في الكبير (12429) وفي الدعاء (986) وأبو نُعيم في حلية الأولياء (4/ 304 - 305) من طريق عبد الله بن الوليد العجلي عن بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به ضمن حديثٍ طويل.
ورواه سفيان الثوريُّ وسليمان بن مهران الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به دون ذكر قصة الرعد.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (1/ 126) والبخاري في تاريخه (2/ 114) وابن أبي حاتم في تفسيره (953) وغيرهم من طريق الثوري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (953) وغيره من طريق الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
فخالفَ بُكيرُ بنُ شهابٍ الثوريَّ والأعمش، حيثُ ذكرَ قصةَ الرعد ولم يذكراها.
وبُكير بن شهاب ذكره ابن حبان في الثقات، وقال عنه الذهبي: (صدوق) وقال ابن حجر: (مقبول) أي عند المتابعة.
والذي يظهر أنَّ فيه جهالةً توجِبُ التوقُّفَ في تفرُّده؛ فضلاً عما يخالفُ فيه غيرَه من الثقات.
ولذا قال الترمذي: (حديثٌ حسنٌ غريب) وفي بعض النسخ: (حسنٌ صحيح غريب).
وقال أبو نعيم: (غريبٌ من حديث سعيد بن جبير، تفرَّدَ به بُكير).
وللحديث طريقٌ آخر عن ابن عباس:
أخرجه أحمد في المسند (2471، 2514، 2515) وأبو داود الطيالسي في مسنده (2731) وابن سعد في الطبقات (1/ 174 - 176) وابن أبي حاتم في تفسيره (951) والبيهقي في الدلائل (6/ 266 - 267) وغيرهم من طريق عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن ابن عباس.
وليس فيه قصةُ الرعد.
وشهر بن حوشب ضعيف الحديث مطلقاً، ثم إنه قد اضطرب في روايته:
فروي عنه عن ابن عباس –كما سبق-.
وروي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه ابن إسحاق في السيرة (ابن هشام 2/ 191 - 192).
وروي عن شهر بن حوشب عن ابن عباس من قوله، كما عند الطبري في تفسيره (1/ 358) وأبي الشيخ في العظمة (4/ 1284)، وفيه ذكر الرعد.
وروي عن شهر بن حوشب من قوله، كما عند الطبري في تفسيره (1/ 357)، وفيه ذكر الرعد.
وروي عن شهر بن حوشب عن كعب الأحبار قوله، كما عند أبي الشيخ في العظمة (4/ 1286).
وروى نحوَه الطبراني في الأوسط (7/ 361) من حديث جابر بن عبد الله عن خزيمة بن ثابت –وليس الأنصاري- عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي سنده أبو عمران لم أقف على جرحٍ فيه أو تعديل.
وروى نحوَه كذلك ابنُ مردويه من حديث عمرو بن بجاد الأشعري مرفوعاً، كما في الإصابة لابن حجر (4/ 606) والسيوطي في الدر المنثور (8/ 399) وذكر ابن حجر أنَّ في سنده الكُديمي وهو ضعيف.
وجاءَ نحو هذا الحديث من قول بعض الصحابة كعلي بن أبي طالب وابن عباس وأبي هريرة وأبي ذر والتابعين كمجاهد وعكرمة وأبي صالح (كما في المطر والريح والرعد لابن أبي الدنيا وتفسير الطبري والدعاء للطبراني والدر المنثور للسيوطي).
وحكى ابنُ عبد البر رحمه الله أنَّ القولَ بأنَّ الرعدَ صوتُ مَلَك هو قولُ جمهور العلماء ثم قال: (وقد يجوزُ أن يكون زَجْرُه لها تسبيحاً) يُنظر: (الاستذكار 8/ 588 - 589).
والخلاصة:
أنَّ الحديثَ ضعيفٌ مرفوعاً.
فحديثُ ابن عباس برواية بُكيرٍ شاذٌ، وطريق شهرٍ ضعيفة مع أنه لم يُذكَر في الوجه المرفوع قصةُ الرعد، وأما حديث خزيمة بن ثابت وعمرو بن بجاد الأشعري فهما ضعيفان لا يصلحان لتقوية حديث ابن عباس، لأن حديث ابن عباس بذكر الرعد شاذ، والشاذ لا يتقوَّى أبداً، بل وجودُه كعدمه.
ثم ألفاظُ كلٍ منها تختلف شيئاً ما عن الأخرى.
وأما الموقوفات فقد جاءت عن جمعٍ من الصحابة، وبعضُها قوي، وجاء كذلك عن بعض التابعين.
وأما كونُ الرعد صوتُ مَلَك فالله أعلم به.)). أ. هـ.
قلت (عبد): ولابن أبي الدنيا جزء اسمه (كتاب المطر والرعد والبرق والريح) وروى فيه بإسناده إلى عكرمة أنه قال: الرعد ملك من الملائكة اسمه الرعد يسوقها بالتسبيح.
وفي إسناده مهران بن أبي عمر الرازي، قال الحافظ: صدوق له أوهام سيء الحفظ.
كما روى بإسناده عن إبراهيم بن سعيد عن ابن عباس أنه قال ليس شيء أحسن منطقا ولا أحسن ضحكا من السحاب. قال (أي عكرمة الرواي عن ابن عباس): ما منطقه؟، قال: منطقه الرعد وضحكه البرق.
وفي الإسناد عبدالصمد بن النعمان قال عنه النسائي والدارقطني: ليس بالقوي.
¥