فإن قال: إن امرأته تحيضُ في كلِّ شهر عشرةَ أيام، فيبقى من مدَّة الإيلاء أربعون يوماً وطلب إسقاطها من مدَّة الإيلاء يُقال له: لا تُسقِطْ عنك أيَّامُ الحيض، بل تُحسَبُ عليك.
أما بالنِّسبة للنِّفاس فلا تُحسب مدَّتُه على المولي.
مثاله: حلف ألا يجامع زوجتَه وهي في الشَّهر التَّاسع من الحمل، فيُضربُ له أربعُة أشهر، فإذا وضعتْ زوجتَه ومضى أربعةُ أشهرٍ من الأجل الذي ضربناه له، قلنا: طلِّقْ، أو جامعْ، فإن قال: إنَّ زوجته جلستْ أربعين يوماً في النِّفاس، وأريد إسقاطها عنِّي، فهذه نسقطها عنه ونزيدُه أربعين يوماً، وإن جلستْ ستِّين يوماً زدناه ستِّين يوماً.
فهذا فرق بين الحيض والنِّفاس، ووجهُ الفرق كما قال أهلُ العلم: أن الحيضَ أمر ٌمعتاٌد، وقد جعل اللهُ تعالى لهذا الزوج أربعةَ أشهرٍ وعشراً؛ وهو سبحانه وتعالى يعلم أن غالب النساء يحضن في كلِّ شهر مرَّة. وأما النِّفاس فهو أمرٌ نادرٌ وهو حالٌ تقتضي أن لا يميلَ المولي إلى زوجه حال النِّفاس والدم، والمسألة مع ذلك لا تخلو من خلاف.
ومن الفروق أيضاً: أنَّ المرأةَ المعتادة التي عادتُها في الحيض ستَّةُ أيَّام؛ إذا طَهُرَتْ لأربعة أيام طهراً كاملاً يوماً وليلة، ثم عاد إليها الدَّم؛ فيما بقي من مدَّة العادة وهو يومٌ وليلةٌ، فهو حيضٌ وفي النِّفاس إذا عاد في المدَّة يكون مشكوكاً فيه، وهذا على المذهب.
ومن الفروق أيضاً: وهو خلاف المذهب، أن الطَّلاق في الحيض حرامٌ، وهل يقعُ؟ فيه خلافٌ
وفي النِّفاس ـ على المذهب ـ حرام أيضاً كما قال المؤلِّفُ " وهو كالحيض فيما يحلُّ ويحرمُ ". لأن النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قال لعمر: " مُرْهُ فليطلِّقها طاهراً، أو حاملاً " والنُّفساء غير طاهر.
والصحيح: - وهو المذهب - أنُّه ليس بحرام.
والدليل على ذلك: أن الطَّلاق في الحيض حُرِّمَ لكونه طلاقاً لغير العدَّة قال الله تعالى: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} [الطلاق: 1] فإذا طلَّق وهي حائضٌ فإن بقيَّة هذه الحيضة لا تحسب، فلا بدَّ أن تأتيَ ثلاثُ حِيَضٍ جديدةِ، فلا تدخل في العدَّة من حينِ الطَّلاقِ.
أما النِّفاس فلا دخل له في العِدَّة، لأنه لا يُحسب منها، فإذا طلقَّها فيه شرعت في العدَّة من حين الطَّلاق فيكون مطلِّقاً للعدة، وإذا كان كذلك فإذا طلَّقها في النِّفاس أو بعده، فهو على حدٍّ سواء، لأنها ستشرع في العدة من حين الطلاق، لأن عدتها متيقنة، وهي الأقراء.
أما قولُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ " مُرْهُ فليطلِّقها طاهراً، أو حاملاً " أي: طاهراً من الحيض بدليل ما جاء في الحديث: " أنه طلَّق امرأته وهي حائضٌ " ولأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قرأ: {فطلقوهن لعدتهن} (الطلاق: 1) وهذا الحكمُ يختصُّ بالطَّلاق في الحيض دون النِّفاس.
ومن الفروق: أنَّه يُكره وطءُ النُّفساء إذا طَهُرَتْ قبل الأربعين على المشهورِ من المذهبِ، ولا يُكرهُ وطء الحائضِ، إذا طَهُرَتْ قبلَ زمن العادة ِ.
ومن الفروق أنه لا حدَّ لأقل النِّفاس بخلاف الحيض.
فهذه سبعة ُفروقٍ بين الحيضِ والنِّفاس.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[18 - 04 - 06, 06:18 م]ـ
الفروق في المجلد الثاني
18 - (ص 19)
والفرق بين كونه مرتدًّا وبين كفره الأصليِّ: أنَّ كُفْرَ الرِّدَّة لا يُقَرُّ عليه، بخلاف الكفر الأصليِّ فيُقَرُّ عليه، فالكافر بالرِّدَّة يُطَالَبُ بالإسلام؛ فإن أسلم وإلَّا قتلناه.
19 - (ص 36)
والفرق بينها وبين الأذان: أن الأذان إعلام بالصلاة للتهيُّؤ لها والإقامة إعلامٌ للدُّخول فيها والإحرام بها، وكذلك في الصِّفة يختلفان.
20 - (ص 43)
هناك فرق بين القتل والقتال، فليس كلُّ مَنْ جاز قتاله جاز قتله، ولهذا نقاتل إحدى الطَّائفتين المقتتلتين حتى تفيء إلى أمر الله، مع أنها مؤمنة لا يحلُّ قتلها. أما القتل فليس يلزم منه مقاتلة الجميع، فقد يكون واحدٌ من هؤلاء يستحقُّ القتل فنقتله ولا نقاتل الجميع، فَتبيَّن بهذا أنَّه لا تَلازَم بين القتال والقتل، وأن جواز القتال أوسع من جواز القتل؛ لأنَّ القتل لا يكون إلا في أشياء معيَّنة.
21 - (ص 44)
¥