تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مستندي في ذلك قول الله تعالى: ?وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا?، وقَولُه ? لثابتٍ بنِ قيسِ: (خذ الحديقة وطلِّقْها تطليقةً)، فإذا لم يُفِدْ الحَكَمانِ بشيء، و أبَى الزوجُ التطليقَ، جازَ للحاكمِ التفريقُ بينهما، لأنَّ الضررَ اللاحقَ من الشقاق أعظمُ من الضررِ اللاحقِ من الإيلاء أو الإعسار، ولا تخفاك أقوال العلماء في ذلك.

و قد قال في الاختيارات لشيخ الاسلام ابن تيمية: (ويجوز الخُلعُ عند الأئمَّة الأربعةِ والجمهورِ من الأجنبي) - إلى أن قال - (وفي معنى الخُلعِ من الأجنبي العفوُ من القصاص وغيره على مالٍ من الأجنبي كما ذكره الفقهاء في الغارم ولإصلاح ذات البين، فإنَّه يَضمَنُ لكُلٍّ مِن الطرفَيْنِ مالاً مِن عندِه، والتَّحقيقُ: أنَّه يصُحُّ ممَّن يصُحُّ طلاقُه بالمُلكِ أو الولايةِ، كالحاكِم في الشقاق، وكذا لو فعلَه الحاكمُ في الإيلاءِ أو العِنَّة أو الإعسار أو غيرها من المواضعِ التي يملِكُ الحاكِمُ الفُرقَة) انتهى.

وقال الشوكاني في "الدررالبهية": (إذا خالَعَ الرجلُ امرأتَهُ صارَ أمرها إليها: لا ترجِعُ إليهِ بِمُجَرَّدِ الرَّجعَةِ، ويجوزُ بالقليلِ والكثيِر ما لمْ يجاوِزْ ما صارِ إليها منْهُ، ولا بُدَّ من التراضِي بينَ الزوجين على الخُلعِ، أوْ إلزامِ الحاكمِ مع الشقاقِ بينَهُما، وهو فَسخٌ) انتهى.

وقال ابن القيَِّم في "الهَدْيِ": (مَنْ نَظَرَ إلى حَقائقِ العُقُودِ و مقاصدِها دونَ ألفاظِها يعُدُّ الخُلع فسخاً بأيِّ لفظٍ كان حتَّى يلفُظَ الطلاق، وهذا أحد الوجهين لأصحابِ أحمدَ، وهُوَ اختيارُ شيخِنا) انتهى.

وقال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ العسقلاني في"فتح الباري شرح صحيح البخاري": - على قولِه: باب الشقاق، وهل يشيرُ بالخُلعِ عند الضرورة، وقوله تعالى: ?وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا? الآية.

(قال ابن بطال: أجمع العلماء على أنَّ المخاطب بقوله تعالى:?وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا?الحكَّامُ، وأنَّ المرادَ بقولِه: ?إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً? الحَكَمانِ، وأنَّ الحكَمَين يكونُ أحدُهما من جِهةِ الرجلِ والآخر من جِهةِ المرأة، إلاَّ أنْ لا يوجدَ من أهلِهما من يصلُحُ، فيجوزُ أن يكونَ من الأجانبِ مِمَّن يصلُحُ لذلك، وأنهما إذا اختلفا لم ينفُذْ قولُهُما وإن اتَفقا نفَذَ في الجمعِ بينهما من غير توكبل، واختلفوا فيما إذا اتفقا على الفرقة، فقال مالكٌ والأوزاعيُّ وإسحاقُ: يَنفُذُ بغير توكيلٍ ولا إذْنٍ مِن الزوجيِن، وقال الكوفيون والشافعيُّ وأحمدُ: يحتاجان إلى الإذْن، فأمَّا مالكٌ ومن تابعَه فألحَقُوهُ بالعِنِّين والمَوْلَى، فإنَّ الحاكِم يُطَلِّقُ عليهِما، فكذلكَ هذا، وأيضاً فلمَّا كان المخاطَبُ بذلكَ الحُكَّام، وأنَّ الإرسال إليهم، دلَّ على أنَّ بلوغَ الغاية من الجمع أو التفريق إليهم، وجرى الباقون على الأصلِ، وهو أنَّ الطلاقَ بِيَدِ الزوجِ فإن أذِنَ في ذلك، وإلاَّ طلَّقَ عليه الحاكم) انتهى.

فبموجبِ ذلك لمَّا حصَلَ الشقاقُ وطال النزاعُ بين "فلانٍ" وزوجتِه المذكورَينِ خَلَعناها منه ببعضِ المهْرِ، وطلَّقناها عليه تطليقة، هذا حُكمُنا في ذلك، فإن كانَ صواباً فمن الله، و أرجو من الله الإثابة، وإن كان خطأً فمنِّي و من الشيطان فأرجو من الله المغفرة، والله أعلم والحمد لله رب العالمين.

هذا ما لزم مع إبلاغ السلام الأمير والعيال وعبدالله بن ناصر والإخوان والأشراف والجماعة، ومِن لدينا الأمير وعبدالله والإخوان والجماعة يسلِّمون، والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته،،،

حُرِّر: 1/جمادى آخر/سنة 1361هـ

قاضي رنية

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير