تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الحياة ... والنمط الأشهر في فقه الفقهاء والمجتهدين كان فقه فتاوى فرعية ... ، فالفتاوى المتاحة تهدي عادة الفرد كيف يبيع ويشتري، أما قضايا السياسة الشرعية الكلية وكيف تدار حياة المجتمع بأسره إنتاجاً وتوزيعاً، استيراداً وتصديراً، علاجاً لغلاء المعيشة أو خفضاً لتكاليفها، هذه مسائل لم يعن بها أولياء الأمور، ولم يسائلوا عنها الفقهاء ليبسطوا فيها الفقه اللازم " واتهمهم كذلك بإغفال حق طاعة ولاة الأمر في كتبهم ومصنفاتهم، فنراه يقول: " إن أصول القرآن الكريم تجعل لولاة الأمر حق الطاعة من بعد طاعة الله والرسول، ولقد سكت الفقهاء عن هذا الحق، فلا نكاد نجد له أثراً البتة في كتب أصول الفقه أو أصول الأحكام "

كما اتهمهم بأنهم احتكروا الدين واتخذوه سراً من الأسرار حجبوه عن الناس، وأصبحوا بذلك وسطاء بين العباد وربهم، أو سلطة مركزية تستبد بأمر الاجتهاد الذي يرى فتح بابه لكل الناس بما فيهم العوام، فنراه يقول: " اتسم فقهنا التقليدي بأنه فقه لا شعبي، وحق الفقه في الإسلام أن يكون فقهاً شعبياً، ذلك أن التحري عن أمر الدين الذي ليس من حق طائفة أو طبقة من رجال الدين، وأن الإسلام لا يعرف التدين الذي يحتكره رجال ويتخذون الدين سراً من الأسرار يعكفون عليه، يحجبونه عن الناس ويصبحون – من أجل ذلك السر المحجوب عن الناس – وسطاء بين العباد وربهم، أويصبحون سلطة مركزية يستبدون بأمر الاجتهاد دون الناس "

ويعد الترابي (أهلية الاجتهاد) شيئاً نسبياً وإضافياً، وأنها جملة مرنه ليس لها ضوابط ولا شرائط، وأن الجمهور هم الحكم في تمييز الذي هو أعلم، متخذين من أعرافهم مقاييس لتقويم المجتهدين والمفكرين، فنراه يقول تحت عنوان (أهليةالاجتهادوإطاره):

" تقدير أهلية الاجتهاد مسألة نسبية وإضافية، ولكن بعض الكتاب المتنطعين في الضبط والتحفظ يتوهمون أنها درجة معينة تميز طبقة المجتهدين من عامة الفقهاء، وما الاجتهاد إلا وظيفة في استعمال العلم والعقل يتربى عليها المتعلم ويترقى نضوجاً ورشداً، وتتفاوت فيها طبقات المفكرين الذين ينبغي أن يعمر بهم المجتمع المسلم، فإذا عنينا بدرجة الاجتهاد مرتبه لها شرائط منضبطة، فما من شيء في دنيا العلم من هذا القبيل، وإنما أهلية الاجتهاد جملة مرنة من معايير العلم والالتزام تشيع بين المسلمين ليستعملوها في تقويم قادتهم الفكريين ... وقد ينظم المجتمع أحياناً ضوابط شكلية مثل الشهادات ليكون حمل شهادة الجامعة مثلاُ أمارة لأهلية بدرجة معينة، وحمل الشهادة الأعلى إيذاناً باستحقاق ثقة أعلى وهكذا، وربما يترك الأمر أمانة للمسلمين ليتخذوا بأعرافهم مقاييس تقويم المفكرين. ومهما تكن المؤهلات الرسمية فجمهور المسلمين هو الحكم وهم أصحاب الشأن في تمييز الذي هو أعلم وأقوم، وليس في الدين كنيسة أو سلطة رسمية تحتكر الفتوى ". ولذا يدعو إلى الاحتكام إلى عوام الناس _ ولو كانوا جهالاً _ لضبط الاختلاف والتفرق بين المذاهب!

ويرفض الترابي قياس الفقهاء والأصوليين المعروف والمنضبط بضوابط وشروط دقيقة، لأن تلك الضوابط والشروط _ في نظره _ قيود وضعها مناطقه الإغريق ثم اقتبسها الفقهاء عنهم، ويدعو إلى قياس فطرى حر _ على حد تعبيره _، فنراه يقول تحت عنوان (نحو أصول واسعة لفقه اجتهادي): " يلزمنا أن نطور طرائق الفقه الاجتهادي التي يتسع فيها النظر بناء على النص المحدود، وإنما لجأنا للقياس لتعدية النصوص وتوسيع مداها فما ينبغي أن يكون ذلك هو القياس بمعاييره التقليدية، فالقياس التقليدي أغلبه لا يستوعب حاجاتنا بما غشيه من التضييق انفعالاً بمعايير المنطق الصوري التي وردت على المسلمين مع الغزو الثقافي الأول الذي تأثر به المسلمون تأثراُ لا يضارعه إلا تأثرنا اليوم بأنماط الفكر الحديث "، ويقول أيضاً تحت عنوان (القياس المحدود): " القياس _ كما أوردنا تعريفاته وضوابطه الضيقة في أدبنا الأصولي _ لا بد فيه من نظر حتى نكيفه ونجعله من أدوات نهضتنا الفقهية،وعبارة القياس واسعة جدا؛ تشمل معنى الاعتبار العفوي بالسابقة، وتشمل المعنى الفني الذي تواضع عليه الفقهاء من تعدية حكم أصل إلى فرع بجامع العلة المنضبطة إلى آخر ما يشترطون في الأصل والفرع ومناط الحكم، وهذا النمط المتحفظ من القياس

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير