تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقتصر على قياس حادثة محدودة على سابقة محدودة معينة ثبت فيها حكم بنص شرعي فيضيفون الحكم إلى الحادثة المستجدة، ومثل هذا القياس المحدود ربما يصلح استكمالاً للأصول التفسيرية في تبين الأحكام والآداب والشعائر، ولكن المجالات الواسعة من الدين لا يكاد يجدي فيها إلا القياس الفطري الحر من تلك الشرائط المعقدة التي وضعها له مناطقه الإغريق، واقتبسها الفقهاء الذين عاشوا مرحلة ولع الفقه بالتعقيد الفني وولع الفقهاء بالضبط في الأحكام "

وينحى الترابي في تجديد " الإجماع " منحى لم يقل به أحد من قبل، ولم يخطر ببال عالم من علماء المسلمين القدامى أو المعاصرين، حيث يصور " الإجماع " بصورة الاستفتاء أو التصويت من قبل عامة الناس على أمر من الأمور، وذلك على غرار ما تطرحه الدولة في الأنظمة الغربية على الناس من مسائل لأخذ آرائهم فيها، فنراه يقول بعد تأكيده على ضرورة الاتفاق على مناهج أصولية موحدة: " وتعود تلك المناهج الموحدة إلى مبدأ الشورى الذي يجمع أطراف الخلاف، ومبدأ الإجماع الذي يمثل سلطان جماعة المسلمين، والذي يحسم الأمر بعد أن تجري دورة الشورى فيُعمد إلى أحد وجوه الرأي في المسألة فيعتمده، إذ يجتمع عليه السواد الأعظم من المسلمين، ويصبح صادراً عن إرادة الجماعة وحكماً لازماً ينزل عليه كل المسلمين، ويسلمون له في مجال التنفيذ ولو اختلفوا على صحته النسبية " ويقول أيضاً: " يمكن أن نرد إلى الجماعة المسلمة حقها الذي كان قد باشره عنها ممثلوها الفقهاء، وهو سلطة الإجماع، ويمكن بذلك أن تتغير أصول الفقه والأحكام، ويصبح إجماع الأمة المسلمة أو الشعب المسلم، وتصبح أوامر الحكام كذلك أصلين من أصول الأحكام في الإسلام " ويقول كذلك: " يمكن أن نحتكم إلى الرأي العام المسلم ونطمئن على سلامة فطرة المسلمين حتى ولو كانوا جهالاً في أن يضبطوا مدي الاختلاف ومجال التفرق "!!

ولم يقتصر الترابي في دعوته إلى التجديد على التشريع فقط، بل تعداه إلى مجال الاعتقاد، حيث يرى أن قضايا الاعتقاد مسائل فكرية، وأن الفكر يتغير بتغير الزمان والمكان، فالعقيدة إذن متجددة ومتغيرة، وعلى المسلمين أن يختاروا ما يناسبهم من المناهج بحسب الظروف والملابسات التي يعيشونها، فنراه يقول: " ولما كان الفكر الإسلامي في كل قرن فكراً مرتبطاً بالظروف القائمة فلا نصيب من خلود بعدها إلا تراثاً وعبرة، سواء في ذلك فقه العقيدة أو فقه الشريعة " ويؤكد ذلك ما يروى عنه أنه قال في محاضرة ألقاها بجامعة الخرطوم بعنوان (تحكيم الشريعة): " إنه في إطار الدولة الواحدة والعهد الواحد يجوز للمسلم _ كما يجوز للمسيحي _ أن يبدل دينه "!!

2 - رد الدكتور محمد رشاد خليل:

كتب الدكتور محمد رشاد خليل ثلاث مقالات في مجلة المجتمع (العدد: 587 - 588 - 589) للرد على نظرية الترابي في التطور، وقد تطرق فيها إلى نشوء هذه النظرية عند الغربيين، وأسباب ذلك .. إلا أنه لم يكمل مقالاته تلك بعرض أقوال الترابي والرد المباشر عليه. وقد انتقيت منها الآتي: يقول الدكتور رشاد:

(قرأت مقال د. حسن الترابي في العدد 573 من المجتمع فشعرت بقلق، وأردت أن أعرف المزيد عن فكره فجاءني بعض الأخوة ببعض كتاباته ومحاضراته زادتني معرفة بفكره، وزادتني قلقاً: وفكرت في الرد ثم تريثت لعل الله يكفيني ذلك، ثم خرجت علينا المجتمع في عددها رقم 584 بلقاء معه مصحوباً بدعوة للمناقشة والحوار، فرأيت أن المواجهة قد وجبت.

ولقد كنت منذ زمن أرصد تسلل الفكر التطوري إلى كتابات المسلمين، وأرصد معها كلمة التطور حتى في كتابات الذين لا يؤمنون بهذا الفكر، وكنت أشعر بالقلق من جراء هذا الاستعمال الذي أشاع هذا المصطلح ومهد لقبوله عند المسلمين بقصد وبغير قصد.

عندما قرأت كتابات الدكتور حسن ومحاضراته عرفت ان الأمر قد أخذ منعطفاً خطيراً، وأن التصدي للتصحيح بالمناقشة أصبح واجباً لأن الأمر في كتابات الدكتور حسن لم يعد مجرد تسلل يتلصص على استحياء، ولم يعد مجرد خطأ لغوي قاد إليه التساهل و إنما أسفر كمنهج محدد وكدعوة صريحة.

ولقد كانت البلوى على فداحتها أمراً محدود الخطر طالما أن دعوى التطور لم تتجاوز كتابات العلمانيين الذين يدقون لها الطبول منذ أمد بعيد ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير