ورد من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري وأنس بن مالك.
1 - حديث أبي هريرة أخرجه البخاري 2/ 329، 4/ 2271، الدارمي 2/ 99، ابن ماجة (3505)، أحمد 2/ 398.
وفي رواية البخاري (فليغمسه كله).
2 - حديث أبي سعيد الخدري لفظه: "إن أحد جناحي الذباب سم، والآخر شفاء، فإن وقع في الطعام فامقلوه (12)، فإنه يقدم السم، ويؤخر الشفاء"، رواه أحمد 3/ 67، ابن ماجة (3504)، الطيالسي في مسنده (2188)، النسائي 2/ 193، وابن حبان في صحيحه (1244)، وصححه الألباني في الصحيحة 1/ 95، صحيح الجامع 1/ 205.
3 - حديث أنس بن مالك رواه البزار 3/ 329، 2866، الكشف، الطبراني في الأوسط 1/ 154. قال الشوكاني: قال الحافظ وإسناده صحيح، نيل الأوطار 1/ 66، وانظر الصحيحة 1/ 96.
تعرض الترابي لهذا الحديث في محاضرة له بجامعة الخرطوم بتاريخ 12/ 8/1982، فكان مما قاله: "في الأمور العلمية يمكن أن آخذ برأي الكافر، وأترك رأي النبي، ولا أجد في ذلك حرجاً البتة، ولا أسأل فيه أيضاً عالم الدين".
فهو في هذه المسألة لا يهتم بتخريج الحديث، وبيان صحته من ضعفه، ويكتفي برده لأنه لا يستقيم مع عقله وتفكيره، ومن جهة أخرى فالرسول صلى الله عليه وسلم حسبما يعتقد غير معصوم، ورأي الكافر عنده أصوب من رأي [وليس من حديث] رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وكان يغنيه - لو تأدب بآداب الشرع - القول: إن نفسي تعاف الشراب إذا وقع فيه الذباب.
الحادي عشر: تطور الأصول والأحكام الشرعية:
يؤمن الترابي بفلسفة التطور في أصول الدين وأحكامه، يقول في كتابه قضايا التجديد:
"ما دام الدين - من حيث هو خطاب للإنسان وكسب منه - واقعاً في الإطار الظرفي، فلابد أن يعتريه شيء من أحوال الحركة الكونية. ولكنه - من حيث هو صلة وسبب للآخرة متعلق بالأزل الثابت - إنما يؤسس على أصول وسنن لا تتحول ولا تتبدل. وهو بهذا أو ذاك قائم على رد الشأن الظرفي المتحول إلى محور الحق الثابت، ورد العقل الزماني إلى المقصد اللانهائي، فحركة التحول الدائبة في ظرف الحياة توشك أن تحول الإنسان عن الحق المطلق، فيلزم ديناً من ثم أن تقع له أو منه حركة دائبة محاولة تصحيح وجهته وتقويم سيره لئلا ينحرف بتدينه الواقع عن سنة الله الواجبة".
ويقول أيضاً [مجلة المجتمع الكويتية، العدد: 573]:
"والدعوة للتجديد ليست دعوة للخروج على أصول الدين، إنما هي دعوة للتحري بمقتضى الدين في كل ظرف جديد للتعبير عن الدين وأحكامه وقيمه .. ولابد من منهج جديد .. وكذلك الفقه وتطور المجتمعات تستوجب فقهاً جديداً والدعوة سبقت إلى تجديد أصول الفقه. فلابد أن تتغير النظرة إلى الأصول، وإذا كانت الأصول الإغريقية في المنطق قد تغيرت كثيراً وقد كملتها أصول في المنهج العلمي الطبيعي والمنهج الاجتماعي، فعلى المسلمين أن يستعينوا بهذا ليسخروها في عبادة الله في مسائل الاجتهاد".
وهاهنا يبرز منهج الترابي العلماني بشكل ليس فيه أدنى لبس أو غموض، وذلك لأنه يتبنى نظرية التطور التي تقوم على استعمال المنهج العلمي [وما هو بعلمي] التجريبي، ويرى أن كل شيء في الدين قابل للتجديد والتطوير، ويستثني من ذلك كل ما له صلة باليوم الآخر، ومن هذا المنطلق جاءت دعوته إلى تجديد أصول الدين، وأصول الفقه، وأصول الحديث في كتيبات ألفها، ومحاضرات نشط في إلقائها في أماكن مختلفة.
ومن هذا المنطلق نفهم قوله الدائم لكل حكم شرعي يرده: كان هذا في عصر الرسول والصحابة والتابعين، وقد تغيرت الأحوال فلابد من تغير الحكم.
والترابي ليس أول الداعين لهذه البدعة، فقد سبقه كثيرون، ولكن معظمهم لم يكن بمثل صراحته.
ومما ينبغي التأكيد عليه أن أقوال الترابي في الاجتهاد وتطور الأحكام وتغيرها، لا تلتقي بحال من الأحوال مع الاجتهاد وفق ضوابطه الشرعية، ولا مع القواعد الأصولية، مثل قاعدة: "لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان"، وقاعدة: "لا ضرر ولا ضرار"، ولا اجتهادات عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
12 - رد الدكتور محمد عبدالقادر أبوفارس:
¥