تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- وهذا هو المشهور من أحوال الصوفية؛ فإنه لا يعرف عنهم لبس الصوف، لا قديما، ولا حديثا، والمقصود: أنه ليس مما اشتهروا به، ولا يعكر على هذا: أن بعضهم لبس الصوف. فالعبرة بالشهرة والكثرة، فإذا كان الاشتقاق من الصوف، فيلزم أن يكون الأصل فيهم لبس الصوف، فإذا كان العكس هو حالهم، فحينئذ لا معنى لأن يكون مشتقا من الصوف؛ لأنهم لم يمتازوا به، وهذا ما قرره القشيري من المتصوفة، ومن غير المتصوفة ابن تيمية (الفتاوى 11/ 16)، وبذلك يستوي هم وغيرهم فيه.

ثانيا: معرفة معنى "التصوف".

- بدراسة أصل معنى "التصوف": تتضح حقيقة التصوف. وهي: تخليص الروح من سجن البدن، لتعود وتتحد بمصدرها الأول، الذي خرجت منه، وذلك لن يكون إلا عن طريق الفناء عن الصفات البشرية أو البشرية!!. فالتصوف ليس زهدا، فهذا أمر يرده أئمة التصوف، وتعريفاتهم شاهدة، بل هو الفناء:

- شهد بهذا حذاق المتصوفة، كالطوسي، والهجويري، والشاذلي، وأبو الوفا التفتازاني.

ثالثا: دراسة نشأة التصوف، وتراجم الأئمة.

- بدراسة نشأة التصوف: يتضح أن هذه الفكرة لم تظهر في صورة مذهب، له حملته، وله أصوله وأفكاره، إلا في نهاية القرن الثاني، وبداية الثالث؛ أي بعد انتهاء القرون الثلاثة المفضلة، فليس من أئمته إذن من هو من التابعين، دع من فوقهم، وفي هذا دلالة على:

- أنه مذهب بدعي حادث، وهذا ما قرره الأئمة الذين أنكروا على ما جاء به المتصوفة.

- كما يدل على أن الذي كان عليه، أولئك المتصوفة الذين سلموا من الفلسفة والغلو، ليس الحالة الكاملة بلا شك، وهذا ما قرره ابن تيمية. (الفتاوى 10/ 358، الاستقامة 1/ 89).

- وبدراسة تراجم أئمة التصوف، منذ بدايته حتى القرون اللاحقة: نجد فيها حقائق خطيرة. فإن كثيرا منهم تعرض للإنكار من العلماء والأئمة، فمنهم من سجن، ومنهم من هرب، واختفى، وتخفى بمذهب آخر .. (انظر: اللمع للطوسي). فهذه الأحوال التي تعرضوا لها حَرِّية بدراسة أسبابها، فإن الخط العام الذي كان عليه الناس اتباع السنة، فمن خالفها تعرض للإنكار، فهؤلاء إذن خالفوا الأمة؛ أي أنهم أتوا ببدعة استوجبت هذا النكير، ليس من إمام واحد، بل من كثير من الأئمة السنة، ولا في بلد واحد، بل في كثير من البلاد، وكان هذا منذ ابتداء أمرهم في نهاية الثاني وبداية الثالث الهجري، أي لما كانت السنة مهيمنة.

ومما يزيد النتيجة التي توصلنا إليها آنفا تأكيدا: التقرير الذي ذهب إليه عامة الباحثين في التصوف، من المتصوفة وغيرهم:

- فإنهم يذكرون أن التصوف مذهب قديم قبل الإسلام، في الثقافات: الفارسية، والهندية، واليونانية.

- ويذكرون كذلك أن المتصوفة المسلمين أخذوا أفكار وتعاليم المتصوفة القدماء وتأثروا بهم.

وإذا أردنا التحقق مما ورد في هذا التقرير، فما علينا إلا المقارنة بين أصول وأفكار التصوف في القديم، والأصول والأفكار المقررة للتصوف في الإسلام، كالفناء، والمحبة، والمعرفة، والتشبه بالإله، والحلول، والاتحاد، والوحدة، كما قررت في كتب أئمة التصوف، لنقف على التوافق التام بين الطرفين .. !!.

وقد عني بمثل هذه المقارنة كثير من الباحثين، مثل: البيروني في كتابه عن الهند، وعمر فروخ في كتابه: "التصوف في الإسلام"، وإحسان إلهي ظهر في كتابه: "التصوف: المنشأ والمصادر".

فكل هذه الأدلة تبين أن نسبة الصوفية إلى الفلسفة أقرب منها إلى السنة، بل لا وجه لنسبتها إلى السنة:

- لا في لفظها فلا علاقة لها بالصوف، الذي هو شعار الزهد.

- ولا في معناها، فلا علاقة لها بالزهد.

- ولا في نشأتها، فإنها نشأت بانحرافها.

- ولا من جهة أئمتها، الذين تعرضوا للإنكار، بسبب ما أتوا به، مما هو مخالف لما هو سائد في مجتمع تهيمن عليه السنة والشريعة؛ فالإنكار إذن لما تضمنته دعوتهم ومذهبهم من مخالفات واضحة للسنة.

- ولا من جهة المقارنة بين أفكار الصوفية في الإسلام، والصوفية ما قبل الإسلام، حيث ظهر التشابه.

فكلها تمنع وتعيق نسبة التصوف إلى السنة والتوحيد، فهذه هي نتيجة البحث العلمي، والتاريخي، فمن أراد نقضها فعليه أن يسلك ذات الأدوات، وإلا فليس لكلامه قيمة.!!.

* * *

وأما من يرى أصل التصوف سنيا محمودا، فالبرهان الذي يقدمه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير