ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[04 - 11 - 06, 04:50 م]ـ
ولو أراد الباحث أن يستقصي ما يمكن أن يستدل به للجمهور، وكان همه مطلق الحشد لما أعجزه أن يأتي بأقوى من بعض ما أُورِد بكثير، وكان مما أعرضتُ عن ذكره أولا، ولعله يحسن ذكره الآن ـ
العلة الأولى: تفرد ابن بطة العكبري بروايته
فإن قيل: إن أبا حفص العكبري رواه أيضاً فيكون متابعاً لابن بطة.
فيقال: أبو حفص العكبري من الرواة عن ابن بطة ومن الآخذين عنه وغالب ظني أنه أخذه منه والله أعلم.
العلة الثانية: عبد الرزاق بن همام الصنعاني فإنه وإن كان ثقة إماماً من رجال الجماعة إلا أنه قد عمي في آخر عمره فتغير وصار يُلقن فيتلقن.
وقد وقع في رواية المتأخرين عنه أحاديث منكرة.
وقد ذكره ابن الكيال في كتابه\"الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات\" وذكر أن أحمد بن منصور الرمادي سمع منه بعد التغير.
فإن قيل: إنه متابع من قبل: زهير بن محمد بن قمير المروزي البغدادي.
فيقال: إن زهير بن محمد لم يذكر فيمن سمع عبد الرزاق لا قبل التغير ولا بعده.
والذي يظهر لي أنه سمع من عبد الرزاق بعد التغير لأنه ولد في حدود سنة ثمانين ومائة وعبد الرزاق تغير سنة مائتين تقريباً،
فيكون عمر زهير بن محمد المروزي في سنة مائتين عشرين عاماً تقريباً ولم تذكر عنه رحلة مبكرة فأقدم شيخ روى عنه هو روح بن عبادة البصري وهو متوفي سنة خمس أو سبع ومائتين.
فالظاهر – والله أعلم – أن سماع زهير بن محمد من عبد الرزاق كسماع أحمد بن منصور الرمادي لا سيما وأنهما متقاربان في العمر فقد ولد أحمد الرمادي سنة اثنتين وثمانين ومائة.
وخلاصتها أن تفرد عبد الرزاق عن الثوري ينبغي التوقف فيه والنظر هل توبع أم لا؟ –والله أعلم-.
فبما سبق يظهر أنه حديث ضعيف خلافاً لمن جود سنده أو صححه.والله أعلم.
منقول. [/ B][/COLOR]
من الأغلاط المشتهرة عند بعض الباحثين ـ خصوصا هذه الأيام ـ: حكمهم بالتفرد عند عدم وقوفهم على المتابعة في بحوثهم المعتمدة غالبا على الأقراص، وربما لم يكلف الباحث نفسه في البحث إلا دقائق معدودة حتى يصدر هذا الحكم الكبير.
ـ[خالد أبو أيمن]ــــــــ[30 - 06 - 07, 07:02 ص]ـ
أنا اؤيد الشيخ العلامة عبد الرحمن السديس تماما في هذه المسألة وأقول لو كان كل شيء نريد له دليلا صحيحا صريحا سالما من المعارض فما الميزة للعلماء الذين يستنبطونه منهم؟
أليس قول جمهور العلماء وفهمهم مرجحا
المشكلة أن الإخوة الذين يرون الجواز يصورون المسألة كأنها قطعية وأن قولهم حق لا ريب فيه فالبعض يصور المسألة كأن الراي الوحيد والصحيح هو الجواز
وهذا الراي الذي اختاره هو راي الظاهرية بناء على ضعف دليل الجمهور في المنع وهو حديث لا أحل المسجد لجنب ولا لحائض رواه ابو داود
ولو تلطفوا لكان أجمل
اذا كان الانسان عالما وترجح لديه قول يخالف جمهور العلماء فعليه أن ينصف القول الذي يخالفه ويذكر انه قول جمهور اهل العلم حتى لا يتجرا الناس على مخالفة اكثرية اهل العلم
صحيح ان القول لا يحسب قوته من عدد القائلين به
لكن ما كان عليه الجمهور فهو اولى غالبا بان يكون صوابا
والأئمة كانوا يحتاطون ويقولون بالحديث ولو كان ضعيفا لانه اولى من الراي
والامام احمد مع الجمهور لا كما يصور بعضهم
فالامام احمد لا يجيز مكث الحائض في المسجد وانما فقط يجيز عبورها اذا امنت تلويثه
وأصل كلام البغوي هكذا في تفسيره: أما المُكْث فلا يجوز عند أكثر أهل العلم لِمَا روينا عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وجَّهُوا هذه البيوت عن المسجد فإنّي لا أًحِلُّ المسجدَ لحائض ولا جنب"، وجوَّز أحمد المكث فيه وضعّف الحديث لأن راويه مجهول، وبه قال المزني.
وبعضهم جعل النووي أيضا ممن يرجح الجواز مع أنه قال في المجموع
مذهبنا انه يحرم عليه المكث
في المسجد جالسا أو قائما أو مترددا أو على أي حال كان متوضأ كان أو غيره ويجوز له العبور من غير لبث سواء كان له حاجة أم لا وحكي ابن المنذر مثل هذا عن عبد الله ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب والحسن البصري وسعيد بن جبير وعمرو بن دينار ومالك وحكي عن سفيان الثوري وأبي حنيفة وأصحابه واسحاق ابن راهويه أنه لا يجوز له العبور الا ان لا يجد بدا منه فيتوضأ ثم يمر وقال احمد يحرم المكث ويباح العبور لحاجة ولا يباح لغير حاجة قال ولو توضأ استباح المكث: وجمهور العلماء علي ان الوضوء لا أثر له في هذا وقال المزني وداود وابن المنذر يجوز للجنب المكث في المسجد مطلقا وحكاه الشيخ أبو حامد عن زيد بن اسلم * واحتج من أباح المكث مطلقا بما ذكره ابن المنذر في الاشراف وذكره غيره ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (المسلم لا ينجس) رواه البخاري ومسلم من رواية أبي هريرة وبما احتج به المزني في المختصر واحتج به غيره ان المشرك يمكث في المسجد فالمسلم الجنب أولى: وأحسن ما يوجه به هذا المذهب ان الاصل عدم التحريم وليس لمن حرم دليل صحيح صريح * واحتج أصحابنا بقول الله تعالى يعني جاءت الجملة المذكورة في وسط كلامه لا انه يتبنى هذا الراي
الخلاصة ان جواز مكث الحائض في المسجد راي للظاهرية لكن الجمهور على خلافه فاما المرور مع الامن من التلويث فهو جائز والله اعلم
فالاحوط بالنسبة لمكثها في المسجد اجتنابه
ومن كانت له مشقة او ترجح لديه عمل به دون ان يضعف قول الجمهور
وأتساءل أخيرا ما الدليل الصحيح الصريح الذي يدل على ان الحائض تترك الصوم والصلاة