ـ[علي الفضلي]ــــــــ[04 - 11 - 06, 12:54 م]ـ
ما أورده جمع من الفقهاء منهم ابن مفلح في الفروع 5/ 166:
وَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ [أي من المسجد إذا كانت معتكفة] لِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ (وَ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْجِدِ رَحَبَةٌ رَجَعَتْ إلَى بَيْتِهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ رَجَعَتْ إلَى الْمَسْجِدِ ...
لِمَا رَوَى ابْنُ بَطَّةَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ،
قَالَ ابْنُ بَطَّةَ: وحَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " كُنَّ الْمُعْتَكِفَاتُ إذَا حِضْنَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِخْرَاجِهِنَّ عَنْ الْمَسْجِدِ وَأَنْ يَضْرِبْنَ الْأَخْبِيَةَ فِي رَحَبَةِ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَطْهُرْنَ ". إسْنَاده جَيِّدٌ، وَرَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ أَيْضًا. اهـ
هذا الحديث لم أجده إلا من الطريق التي ذكرتها ولم أجده مذكوراً إلا في بعض كتب الحنابلة.
وقد اعتمد هذا الحديث شيخا الإسلام ابن تيمية وابن القيم.
ولقد استغربت من كلام \"العالم\" الذي نقلت تصحيحه للسند لما فيه من النظر الذي سأذكره –إن شاء الله تعالى-.
ولا يخفاك أن استشهاد عالم بحديث لا يدل على صحته – وإن كان هذا هو الأصل الواجب – لأن العالم قد يستشهد بحديث ضعيف سنداً ولكنه متضمن لمعنى صحيح دلت عليه نصوص أخرى.
عموماً الحديث المذكور لا يصح وفيه ثلاث علل:
العلة الأولى: تفرد ابن بطة العكبري بروايته وهو متكلم فيه ومضعف في الرواية وأقتصر على كلام الذهبي في \"الميزان\":
قال –رحمه الله-: [عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري، الفقيه، إمام؛ لكنه ذو أوهام.
لحق البغوي وابن صاعد. قال ابن أبي الفوارس روى ابن بطة عن البغوي عن مصعب عن مالك عن الزهري عن أنس مرفوعاً \"طلب العلم فريضة على كل مسلم\" وهذا باطل.
العتيقي حدثنا ابن بطة حدثنا البغوي حدثنا مصعب حدثنا مالك عن هشام عن أبيه فذكر حديث قبض العلم وهو بهذا الإسناد باطل.
وقد روى ابن بطة عن النجاد عن العطاردي، فأنكر عليه علي بن ينال وأساء القول فيه حتى همت العامة بابن ينال فاختفى.
وقال أبو القاسم الأزهري: ابن بطة ضعيف ضعيف
قلت \"القائل: الذهبي\": ومع قلة إتقان ابن بطة في الرواية فكان إماما في السنة، إماما في الفقه، صاحب أحوال وإجابة دعوة رضي الله عنه] انتهى كلام الذهبي –رحمه الله-.
فإن قيل: إن أبا حفص العكبري رواه أيضاً فيكون متابعاً لابن بطة.
فيقال: أبو حفص العكبري من الرواة عن ابن بطة ومن الآخذين عنه وغالب ظني أنه أخذه منه والله أعلم.
العلة الثانية: عبد الرزاق بن همام الصنعاني فإنه وإن كان ثقة إماماً من رجال الجماعة إلا أنه قد عمي في آخر عمره فتغير وصار يُلقن فيتلقن.
وقد وقع في رواية المتأخرين عنه أحاديث منكرة.
وقد ذكره ابن الكيال في كتابه\"الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات\" وذكر أن أحمد بن منصور الرمادي سمع منه بعد التغير.
فإن قيل: إنه متابع من قبل: زهير بن محمد بن قمير المروزي البغدادي.
فيقال: إن زهير بن محمد لم يذكر فيمن سمع عبد الرزاق لا قبل التغير ولا بعده.
والذي يظهر لي أنه سمع من عبد الرزاق بعد التغير لأنه ولد في حدود سنة ثمانين ومائة وعبد الرزاق تغير سنة مائتين تقريباً،
وقال الإمام أحمد أخبرنا عبد الرزاق قبل المائتين وهو صحيح البصر ومن سمع منه بعدما ذهب بصره فهو ضعيف السماع.
وقال النسائي: فيه نظر لمن كتب عنه بأًخره كتب عنه أحاديث مناكير.
فيكون عمر زهير بن محمد المروزي في سنة مائتين عشرين عاماً تقريباً ولم تذكر عنه رحلة مبكرة فأقدم شيخ روى عنه هو روح بن عبادة البصري وهو متوفي سنة خمس أو سبع ومائتين.
فالظاهر – والله أعلم – أن سماع زهير بن محمد من عبد الرزاق كسماع أحمد بن منصور الرمادي لا سيما وأنهما متقاربان في العمر فقد ولد أحمد الرمادي سنة اثنتين وثمانين ومائة.
العلة الثالثة: أن هذا الحديث من رواية عبد الرزاق عن الثوري.
وقد تكلم ابن معين والإمام أحمد في رواية عبد الرزاق عن الثوري، وخصه الإمام أحمد بما حدث به بمكة، وعهدت عليه منكرات فإن سلم الإسناد إلى عبد الرزاق لم يسلم من هذه العلة وخلاصتها أن تفرد عبد الرزاق عن الثوري ينبغي التوقف فيه والنظر هل توبع أم لا؟ –والله أعلم-.
انظر: \"الثقات الذين ضعفو في بعض شيوخهم\" للدكتور صالح الرفاعي –حفظه الله-
فبما سبق يظهر أنه حديث ضعيف خلافاً لمن جود سنده أو صححه.والله أعلم.
منقول.
¥