لِلنَّاسِ يَوْمَئِذٍ الْجُمُعَةَ. فَذَكَرَ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَصَابَ السُّنَّةَ.
ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَوِيُّ عَنْ سَوَّارٍ عَنِ الْقَطَّانِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، لَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ وَأَنَّهُ أَطَالَ الْخُطْبَةَ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ الزَّوَالِ، وَسَقَطَتْ صَلَاةُ الْعِيدِ وَاسْتَجْزَى بِمَا صَلَّى فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَفِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ النَّاسَ جَمَعُوا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ فَلَمَّا قَدِمَ ذَكَرْنَا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ:
أَصَابَ السُّنَّةَ - وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى الظُّهْرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي بَيْتِهِ وَأَنَّ الرُّخْصَةَ وَرَدَتْ فِي تَرْكِ الِاجْتِمَاعَيْنِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَشَقَّةِ لَا أَنَّ الظُّهْرَ تَسْقُطُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ إِسْرَائِيلَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيِّ عَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ قَالَ: شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ: هَلْ شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَيْفَ صَنَعَ؟ قَالَ: صَلَّى الْعِيدَ ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ فَقَالَ: مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ. وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَذْكُرْهُ الْبُخَارِيُّ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ وَذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ إِسْرَائِيلَ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى سُقُوطِ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّمَا فِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي شُهُودِهَا، وَأَحْسَنُ مَا يُتَأَوَّلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَذَانَ رُخِّصَ بِهِ مَنْ لَمْ تَجِبِ الْجُمُعَةُ عَلَيْهِ مِمَّنْ شَهِدَ ذَلِكَ الْعِيدَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِذَا احْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآثَارُ مِنَ التَّأْوِيلِ مَا ذَكَرْنَا لَمْ يَجُزْ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى سُقُوطِ فَرْضِ الْجُمُعَةِ عَمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَلَمْ يَخُصَّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ يَوْمَ عِيدٍ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ وَجْهٍ تَجِبُ حُجَّتُهُ، فَكَيْفَ بِمَنْ ذَهَبَ إِلَى سُقُوطِ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِمَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ بِأَحَادِيثَ لَيْسَ مِنْهَا حَدِيثٌ إِلَّا وَفِيهِ مَطْعَنٌ لِأَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ وَلَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ مِنْهَا حَدِيثًا وَاحِدًا، وَحَسْبُكَ بِذَلِكَ ضَعْفًا لَهَا وَسَنَذْكُرُ الْآثَارَ فِي فَرْضِ الْجُمُعَةِ فِي بَابِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِنْ كَانَ الْإِجْمَاعُ فِي فَرْضِهَا يُغْنِي عَمَّا سِوَاهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[27 - 10 - 06, 08:04 م]ـ
ثالثا: كلام ابن حجر
فتح الباري لابن حجر - (ج 16 / ص 41)
قَوْله: (وَكَانَ ذَلِكَ يَوْم الْجُمُعَة)
أَيْ يَوْم الْعِيدِ.
قَوْله: (قَدْ اِجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ)
أَيْ يَوْم الْأَضْحَى وَيَوْم الْجُمُعَة.
قَوْله: (مِنْ أَهْل الْعَوَالِي)
جَمْع الْعَالِيَة وَهِيَ قُرًى مَعْرُوفَة بِالْمَدِينَةِ.
قَوْله: (فَلْيَنْتَظِر)
أَيْ يَتَأَخَّر إِلَى أَنْ يُصَلِّي الْجُمُعَة.
قَوْله: (وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِع فَقَدْ أَذِنْت لَهُ)
¥