تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[الدكتور محمد بن عبدالله العزام]ــــــــ[30 - 10 - 06, 12:20 م]ـ

أخي سليمان

قولي (القضاة في مكاتبهم) لا يتعارض مع قولك (بشهادة شهود ذي خبرة وعدالة واستقامة)، فكون الشهود كما ذكرت لا يعني أن القاضي قد خرج إلى الميدان، فتأمل ما تقول، بارك الله فيك وسدد خطاك.

وأنا لم أشكّك في استقامة القضاة والشهود، والذي أراه أن الشهود يخطئون في رؤية شيء هو أدق من خيط العنكبوت، وصلاحهم واستقامتهم تحمل أصحاب الفضيلة القضاة على تصحيح شهادتهم. بل قد تكون الرؤية صحيحة ويظهر للقاضي من حال الشاهد ما يقتضي ردّ الشهادة. والقاضي غير معصوم من الخطأ في أحكامه، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث المتفق عليه (إنما أنا بشرٌ، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له بنحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعةً من النار).

فالحاصل أن تصحيح القاضي للرؤية لا يعني بالضرورة صحة الرؤية في ذاتها، بل معناه أنه لم يظهر للقاضي من حال الشاهد والشهادة ما يقتضي ردّها.

وأما سؤالك عن تحديد الفجر وموعد طلوع الشمس فيدل على حاجتك إلى مزيد تحرير لهذه القضايا بالدقة العلمية المطلوبة. فمواعيد الأذان للصلوات ليست قضية فلكية محضة، بل ينبغي أن يتعاون علماء الشريعة مع الفلكيين لإيجاد المعادلة الرياضية الدقيقة لكل أذان، ولا سيما أذان الفجر، وإذا لم يحصل التعاون ثم اجتهد الحاسب وأخطأ فإن خطأه في تحديد موعد أذان الفجر لا علاقة له بصحة الحساب نفسه، كما لو اعتبر أذان الظهر بعد الزوال بنصف ساعة، فهذا ليس خطأ في حساب الزوال، بل خطأ في تحديد الموعد المناسب للأذان. وواقع الحال عندنا في السعودية أن الفلكي الباكستاني المسؤول عن تقويم أم القرى قبل نحو خمسين عاماً، بالغ في الاحتياط لأذان الفجر، والفلكيون هم الذين يطالبون الآن بتصحيح موعد أذان الفجر بينما يرى العلماء أن التقويم قد استقر العمل عليه ولا حاجة إلى تصحيحه.

وأما أن الشمس تشرق في الأردن بعد موعد التقويم بربع ساعة فيحتاج إلى تحرير، ومن البعيد أن يقع التقويم في خطأ بليغ كهذا ولا يلتفت إليه أحد؛ فيا ليتك تحيلنا إلى مصدر علمي يؤكد ذلك!! والتقويم الأردني ليس بين يدي، فيا ليتك تزودنا بموعد شروق الشمس في التقويم بعد أسبوع مثلاً.

الأخ وائل

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أوضحت أعلاه أن الفرق في حركة الهلال حوالي خمسين دقيقة في كل ليلة، وتستطيع أن تتأكد من ذلك بنفسك، بأن تجلس في موضع محدّد بحيث يكون القمر خلف عمود الكهرباء مثلاً (أو في أي موضع محدد) وتسجل الساعة والدقيقة، ثم تجلس في الغد في نفس المكان وتلاحظ متى يصل القمر إلى نفس النقطة، وستجد أن الفارق نحو خمسين دقيقة

ومعنى ذلك أن رؤية الهلال في أي ليلة تتوقف على موضعه في الليلة السابقة، فإذا كان قد غاب في الليلة الأولى بعد الشمس بعشر دقائق فسيغرب في اللبلة الثانية بعدها بستين دقيقة. والحقيقة أن رؤية الهلال في الليلة الثانية سهلة إذا كانت رؤية الليلة السابقة صحيحة، ولكن يعجز الناس عن رؤيته في الليلة الثانية إما لعدم صفاء الجو وإما لعدم معرفتهم بمكانه من السماء.

بل قد يرى هلال التمام واضحاً في الليلة الأولى، إذا كان قد غرب في الليلة السابقة قريباً من الشمس قبلها أوبعدها بحيث لم تمكن رؤيته، فيكون غروبه في الليلة الأولى بعد الشمس بوقت طويل، وتحصل بلبلة لمن لا يعرف الأهلة، إذا يظنّ أنه هلال ليلتين.

وللإيضاح أضرب لك مثلاً من هلال ذي القعدة القادم إن شاء الله:

انظر ورقة تقويم أم القرى ليوم 30 شوال، وركز على موعد غروب القمر في مكة المكرمة (الساعة 51ر5)، وموعد غروب الشمس في مكة (الساعة 38ر5)، أي إن القمر سيغرب بعد الشمس بثلاث عشرة دقيقة في مكة. وهذا الفارق بين الغروبين متقارب في جميع أنحاء المشرق العربي، ينقص قليلاً في البلاد الواقعة إلى الشرق من مكة ويزيد قليلاً إلى الغرب منها.

وأما في الليلة التالية فسيغرب الهلال بعد الشمس بنحو ثلاث وستين دقيقة (13 + 50)، وينبغي أن يكون واضحاً جداً، بشرط صفاء الجو والنظر في الاتجاه الصحيح.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير