قال r: " ما ذئبان جائعان أرسلا في زريبة غنم بأفسدَ لهما من حب المرء للمال والشرف لدينه".
*وإن حصل منهم رَزقٌ، بغير خيانة لهم في أعمالهم، ولا ظُلم لأحد، فلا بأس به:
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبي r يعطي عمر العطاء، فيقول: أعطه أفقر مني، فقال النبي r: " خذه فتموله، أو تصدق به، وما أتاك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا، فلا تتبعه نفسك".
*وإن كان المال حراماً، فلا يجوز أخذُه ولا أكلُه:
قال النبي r: " إن الله تعالى طيب لا يقبل إلاَّ طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: {يا أيُّها الرسُلُ كُلواْ مِن الطيبتِ واعمَلواْ صالحاً} [المؤمنون: 51].
وقال تعالى: {يا أيُّها الَّذِين ءامَنوا كُلُواْ مِن طيبتِ ما رزقْنكُم} [البقرة: 172].
ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا ربّ يا ربّ، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنى يستجاب له".
وفي بعض الأحاديث: "إنَّ الرجل إذا كان عليه ثوب، وفي ثمنه درهم حرام لم تُقبل صلاته".
وقال r: " من استعملناه منكم على عمل، فكتمنا مخيطاً فما فوقه كان غلولاً يأتي به يوم القيامة".
وقال r: " خير الكسب كسب العامل إذا نصح".
وقال r: " من استعملناه منكم على عمل فرَزَقناه رَزقاً، فما أخَذ بعد ذلك فهو غلول".
وقال r: " من استعملناه منكم على عمل، فليجئ بقليله وكثيره، فما أُوتي منه أخذ، وما نهى عنه انتهى".
وقال r: " لا يدخلُُ صاحبُ مَكْسٍ الجنة". قال يزيد بن هارون: يعني العَشَّار.
وقد قال r: " الحلال بيِّن، والحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه".
وقال r: " دعْ ما يُريبُك إلى ما لا يُريبُك"، وقال بعض العلماء: (لا يبلغُ العبد أن يكون من المتقين حتى يدعَ ما لا بأس به حذراً مما به بأس).
*وإن غلبتك نفسك واختارت مجالسة الملوك ومصاحبتهم، فاعلم أن لهم حقّاً، ولربك حقّاً، ولنفسك حقّاً، فأعطِ كل ذي حقًّ حقَّه.
قال تعالى: {يا أيُّها الَّذِين ءامَنوا أطِيعُواْ اللهَ و أطِيعُواْ الرسولَ و أوْلي الأمرِ منكم} [النساء: 59].
وقال r: " من أطاع الأمير فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصى الأمير فقد عصاني، ومن عصاني فقد عصى الله".
قالت الحكماء: (إمام عادل خير من مطر وابل، وإمام غشوم خير من فتنة تدوم، ولما يَزَع الله بالسلطان أكثر مما يزَع بالقرآن).
وقال عبدالله بن عمر: (إذا كان الإمام عادلاً فله الأجر وعليك الشكر، وإذا كان الإمام جائراً فله الوزر وعليك الصبر).
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (قال لي أبي: أرى هذا الرجل –يعني عمر بن الخطاب رضي الله عنه- يستفهمُك، ويقدمك على الأكابر من أصحاب محمد r، وإني موصيك بخلال أربع: لا تُفشِينَّ له سرّاً، ولا يجربنَّ، عليك كذباً، ولا تطو عنه نصيحة، ولا تغتابنَّ عنده أحداً).
وقال خالد بن صفوان: (من صحِبَ السلطان بالصحة والنصيحة كان أكثر عدواً ممن صحبه بالغش والخيانة).
وقال ابن المقفع: (ينبغي لمن خدم السلطان أن لا يغترَّ به إذا رضي منه، ولا يتغيَّرْ له إذا سخط، ولا يستثقلْ ما حَمَّلَه، ولا يُلْحِفْ في مسألته).
وقال أيضاً: (لا تكن صحبتك للسلطان إلاَّ بعد رياضة منك لنفسك على طاعتهم، فإن كنت حافظاً إذا ولَّوك، حَذِراً إذا قرِّبوك، أميناً إذا ائتمنوك، ذليلاً إذا صرموك، راضياً إن أسخطوك، تُعلِّمُهم وكأنك متعلم منهم، وتؤدبهم وكأنك متأدب بهم، وتشكرهم ولا تكلفهم الشكر، وإلاَّ فالبُعد منهم كل البعد، والحذر كل الحذر).
وقال: (وإذا نزلت من السلطان بمنزلة الثقة، فلا تلزم الدعاء له في كل كلمة: وقيل: إنما السلطان سوق، فما نفق عنده حمل إليه).
وقالوا: (ينبغي لمن صحب السلطان أن لا يكتم عنه نصيحة وإن استثقلها، وليكن كلامه له كلام رَتْقِ، لا كلام خَرْق، حتى يخبره بعيبه من غير أن يواجهه بذلك، ولكن يضرب له الأمثال، ويخبره بعيب غيره ليعرف عيب نفسه).
*وأعلم أن العافية والبعد من المناصب والملوك خير ذلك وأسلم في دنياك وآخرتك، فمن أراد راحة نفسه، وسلامة دينه فلا يكن أميراً ولا قاضياً، ولا يتعرف بالملوك، ومن جَرَّب مثل تجربتي، عرف مثل معرفتي.
¥