فلما كان للمسجد بنايتان حسية ومعنوية، أحببت أن أطرح بعض المرئيات المتعلقة بالبنايتين. وقبل سرد تلك المرئيات لا يخالجني شك إن شاء الله تعالى أن صدور المسئولين في وزارة الشئون الإسلامية بدأ من معالي الوزير وسعادة وكيل المساجد تتسع لقبول كل ما يعين على القيام بشئون المساجد الحسية والمعنوية، بعد هذا أقول وبالله تعالى التوفيق أنه لا بد من وضع ضوابط للبناء منها:
(1) استبعاد ما يتعلق بالزخرفة والبذخ الزائد في بناء المساجد، تمشّياً مع النصوص لتحقيق المصلحة الشرعية.
(2) مراعاة مساحة المسجد، وهذا من جهتين:
- الجهة الأولى: إن كان موقع المسجد محاطا بمساجد أخرى قريبة – كما هو المعتاد – فينبغي أن يقتصد في سعة المسجد، فمن السلبيات أن بعض المساجد لا يشغل المصلون بها إلا صفين أو ثلاثة وتبقى صفوف كثيرة شاغرة أمام الإمام وخلفه زائدة؛ فإن أعترض معترض بكثرة المصلين في شهر رمضان فجوابه: لا مانع من زيادة عدد من الصفوف بقدر؛ إنما الخلل في المبالغة في كثرة الصفوف كما هو الحال في كثير من المساجد.
- الجهة الثانية: وهي بمثابة نتيجة للمسألة الأولى، إذا روعي في البناء مساحة المسجد فحبذا أن يُراعى أيضاً موقع البناء في نفس الأرض، فمثلاً لو بني المسجد في وسط الأرض بحيث يكون محاطا بفضاء من جميع جهاته – باستثناء جهة منزل الإمام والمؤذن – لكان في ذلك مصالح كثيرة منها تميز المسجد ووضوحه، ومنها لو أحتاج إلى التوسعة مستقبلا فالأمر ميسر.
(3) منع الزيادة على منارة واحدة في كل مسجد، فمن الملاحظ أنَّ هذه الظاهرة قد بدأت في الظهور بشكل ملحوظ، مع أن منارة واحدة تكفي، هذا مع أن بعض المنارات يبالغ في بنائها وزخرفتها، بل بلغني أن بعض المنائر تكلّف مائة ألف ريال (100000) ريال بل قد تزيد، فكيف إذا وضع للمسجد منارتان؟!، مع العلم أن مائة ألف ريال (100000) ريال تبني ثلاث مساجد في بعض الدول الفقيرة.
(4) تناسب عدد دورات المياه مع موقع المسجد – إن كان على طريق أو داخل الأحياء، فمما يلاحظ في بعض المساجد عدم التناسب، فترى مثلا عدداً من دورات المياه لا يستعمل منها في الغالب إلا نصف العدد، بينما ترى مجموعة من الناس عند بعض المساجد ينتظرون الدخول في دورات المياه لكثرتهم وقلتها.
(5) تناسب عدد وحدات التكييف مع مساحة المسجد، ولا بد من اشتراط هذا مراعاةً لحال المصلين وتحصيل الراحة في صلاتهم.فبعض المساجد في برودتها تضر بالمصلين، وبعضها على النقيض من ذلك، نعم لشدة الحر في الصيف أثرها لكن إذا روعي عدد الوحدات مع المساحة فإن ذلك يخفف الحر لا محالة.
(6) الاستفادة من فضاء المسجد الداخلي، وذلك ببناء دور معلّق في آخر المسجد، وفي ذلك مصالح كثيرة:
- فمثلا لو افترضنا أن مساحة المسجد المقرر بناءها 30م من الشرق إلى الغرب في 25م عرضا من الشمال إلى الجنوب، فلو بني 20م من الشرق إلى الغرب، وعلق دور في آخر المسجد بقدر 10م وصمم بحيث يسمح بدخول الهواء والنور لتوفر عدد من وحدات التكييف والإضاءة، ناهيكم عن قيمة البناء في المساحة الملغاة، مع تحصيل المكان المراد لزيادة المصلين - إن كان ولا بد من ذلك - وزد على هذا توفر مساحة أرضية خارجية قد تخدم بعض مرافق المسجد.
(7) مراعاة عدد المصاحف في المساجد، فالملاحظ أن بعض المساجد يصلي بها عشرات ومصاحفها بالمئات، مما يعرضها للتلف أو العبث، فحبذا أن يراعى العدد التقريبي للمصلين مع الزيادة النسبية، فإن كان لا بد من كثرة عدد المصاحف فتحفظ في مكان في المسجد لتخرج وقت الحاجة إليها عند تمزق بعض المصاحف أو عند قدوم شهر رمضان لكثرة المصلين المعتادة، والله المستعان.
(8) لو تُراعى بعض المساجد التي يكثر فيها الإخوة الوافدون من غير العرب فتُخصص لهم مصاحف مترجمة المعنى بلغاتهم، وبخاصة مساجد الأسواق والمطارات ومواقف النقل الجماعي وغيرها مما تدعو الحاجة إليه.
بقي أمران وثلاثة اقتراحات:
الأمر الأول: متعلق بالجوامع: وهو عدم السماح لكل أحد ببناء جامع إلا بمراعاة المصالح الشرعية من حيث الحاجة الداعية لأن من الملاحظ كثرة الجوامع في الفترة الأخيرة وقد كره جمع من أهل العلم كثرة الجوامع وبخاصة عند عدم امتلاءها.
¥