تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والخلاصة: أن جمهور الفقهاء من السادة الحنفية والمالكية والحنابلة يذهبون إلى تحريم غرس الأشجار في المساجد،بينما يذهب السادة الشافعية إلى كراهة ذلك وأنه يجوز إذا كان في ذلك نفع لعموم المسلمين.

الأدلة:

استدل الجمهور بأن في الغرس بالمسجد شغلا عما أعد للصلاة والعبادة به، ويتضرر المسجد بسقوط ورق الشجر فيه وثمرها، وتسقط عليها الطيور، فيتقذر المسجد بما يخرج منها، أو ربما اجتمع الصبيان حولها فرموها بالحجارة لاصطيادها، فيؤذون من في المسجد، ولربما حصل منهم فساد.

واستدل الذين قالوا بالجواز بأنه لم يرد دليل من الشرع ينص على تحريم غرس الشجر بالمسجد، والأصل الإباحة، وبناء المسجد ليس أمرا توقيفيًا. وفي غرس الشجر في المسجد منافع كتثبيت السواري والاستظلال.

المناقشة: من المعلوم أن الأشجار تختلف من حيث انتفاع المسجد بها , فبعضها ينفعه، وبعضها لا ينفعه، وبعضها يضره. والذي ينفعه قد يكون ضرره أكثر من نفعه، وقد يكون نفعه ممكنا إذا غرس حول المسجد، ولا يضطر المسجد لمنفعة الشجر لأن غيرها من أعمدة الخشب أو الحديد أو الحجر أو نحوها، تقوم مقامه؛ ولأن وضع الشجر بالمسجد ربما يكون فيه تشبه بالمشركين فيحرم.

وأما أن الأصل حله، فإن هذا ليس موضعه؛ لأن المسجد بني للعبادة وليس مزرعة، ثم الغرس فيه مخالف لرفع المساجد المأمور به، لقوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ}. . . الآية في سورة النور: 36،والغرس بالمسجد مخالف للعرف وما جرت عليه عادة المسلمين في القرون الأولى.

مسائل:

1. إذا وجدت أشجار في المسجد ولم يعرف هل هو وقف أو لا ماذا يفعل فيه إذا جف؟

فعند الشافعية: أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ غَرْسِهِ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الصُّلْحِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ غَرْسِ الشَّجَرِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا غَرَسَهُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّهُ لَوْ غَرَسَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمَسْجِدِ، وَحَيْثُ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ فَيُحْتَمَلُ جَوَازُ بَيْعِهِ وَصَرْفُ ثَمَنِهِ عَلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِهِ جَافًّا، وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُ صَرْفِ ثَمَنِهِ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ خَاصَّةً، وَلَعَلَّ هَذَا الثَّانِيَ أَقْرَبُ لِأَنَّ وَاقِفَهُ إنْ وَقَفَهُ وَقْفًا مُطْلَقًا وَقُلْنَا بِصَرْفِ ثَمَنِهِ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ فَالْمَسْجِدُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ وَقْفُهُ عَلَى خُصُوصِ الْمَسْجِدِ امْتَنَعَ صَرْفُهُ لِغَيْرِهِ فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ جَوَازُ صَرْفِهِ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ مُحَقَّقٌ، بِخِلَافِ صَرْفِهِ لِمَصَالِحِ غَيْرِهِ مَشْكُوكٌ فِي جَوَازِهِ فَيُتْرَكُ لِأَجْلِ الْمُحَقَّقِ.نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (18/ 220)

وعند الحنابلة: (فَإِنْ كَانَتْ مَغْرُوسَةً فِيهِ: جَازَ الْأَكْلُ مِنْهَا).يَعْنِي إذَا كَانَتْ مَغْرُوسَةً قَبْلَ بِنَائِهِ، أَوْ وَقْفُهَا مَعَهُ.فَإِذَا وَقَفَهَا مَعَهُ وَعَيَّنَ مَصْرِفَهَا: عُمِلَ بِهِ.وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَصْرِفَهَا: كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ.قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ.وَقَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: جَازَ الْأَكْلُ مِنْهَا.وَهَذَا مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ.وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ الْمَنْصُوصَ وَعِنْدِي: أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ مَحْمُولَةٌعَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمَسْجِدِ حَاجَةٌ إلَى ثَمَنِ ذَلِكَ.لِأَنَّ الْجِيرَانَ يَعْمُرُونَهُ وَيَكْسُونَهُ.وَقَطَعَ بِمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْفَائِقِ.وَاعْلَمْ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْأَصْحَابِ قَالُوا: يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِ.وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهَا فَلِجَارِهِ أَكْلُ ثَمَرِهِ.نَصَّ عَلَيْهِ.وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ، وَغَيْرِهِ.وَقَالَ جَمَاعَةٌ: إذَا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير