تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[موضوع للنقاش: أخذ الأحكام والفتاوى الفقهية من المصادر الإلكترونية هل تبرأ به الذمة.؟]

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[12 - 03 - 08, 11:07 ص]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه واتبع هداه إلى يوم الدين , وبعد:

فإن المتابع - في عصر تقدم وسائل التقنية الذي نعيشه - لما استجد وطرأ على الكتب والموسوعات الشرعية بل والمكتبات الإسلامية من يسر البحث , وسهولة التداول وسرعة وجود البغية في بطون الكتب , حيث أصبح البحث المحتاج لسنين قبل سنين من اليوم , يمكن القيام به في ساعات.

وكان الحرص على اقتناء الكتب واختيارها وترتيبها بالأمس عملٌ لا يحسنه إلا المتخصصون في العلوم الشرعية من طلاب العلم والعلماء , فأصبحت مكتباتنا الإلكترونية اليوم ترتب لك كل ذلك وتعرفك بكتب المذاهب المطولة والمختصرة وشروح كتب السنة وغير ذلك.

وهنا وجد المسلم اليومَ نفسه في فسحة من أمره حين تقف مسألة شرعية أمامه لا يعرف حكمها ولا المنبغي عليه حيالها , فبضغطة زر تصطف أمامه عشرات النصوص والفتاوى والتعليقات والتقريرات ما بين مختصر ومبسوط , فهل يسعه ويُبرئ ذمته اطِّلاعُه على هذه النتائج في البحث إن كان ممن يعي ويفهم كلامَ أهل العلم , أم لا بدَّ له من مراجعة واستفتاء العلماء في كل صغير وكبير.؟

وهل يمكن للقائمين على المراكز الإسلامية وأئمة المساجد والدعاة إلى الله في القارات البعيدة عن العلم والعلماء أو في البلدان التي يقل فيها وجود العلماء اعتماد هذه المكتبات والمصادر والفتاوى الإلكترونية مرجعاً يفتون الناس بما فيه من فتاوى بحيث لو كانت عنده في جهاز محمول ووجد مسألة مطابقة ومشابهة لما سئل عنه جاز أن يفتي بمصمون ما لديه ,أم لا بد لهم أن يرجعوا إلى أهل العلم ويتصلوا بهم ويتبيَّنوا حقيقة كل مسألة.؟

وهل ينطبق واقع هذه المشكلة على ما ذكره ابن القيم رحمه الله في خلاف أهل العلم فيما إذا كان عند الرجل الصحيحان أو احدهما أوكتاب من سنن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - موثوق بما فيه فهل له أن يفتي بما يجده فيه .. ؟؟

حيث ذكر رحمه الله قولين لأهل العلم ورجّح بينهما بالقول الفصل -عنده- وإليكموها من باب الفائدة:

1 - قالت طائفة من المتأخرين ليس له ذلك لأنه قد يكون منسوخا أو له معارض أو يفهم من دلالته خلاف ما يدل عليه أو يكون أمر ندب فيفهم منه الإيجاب أو يكون عاما له مخصص أو مطلقا له مقيد فلا يجوز له العمل ولا الفتيا به حتى يسال أهل الفقه والفتيا

2 - قالت طائفة بل له أن يعمل به ويفتي به بل يتعين عليه كما كان الصحابة يفعلون إذا بلغهم الحديث عن رسول الله ص - وحدث به بعضهم بعضا بادروا إلى العمل به من غير توقف ولا بحث عن معارض ولا يقول أحد منهم قط هل عمل بهذا فلان وفلان ولو رأوا من يقول ذلك لأنكروا عليه أشد الإنكار وكذلك التابعون وهذا معلوم بالضرورة لمن له أدنى خبرة بحال القوم وسيرتهم وطول العهد بالسنة وبعد الزمان وعتقها لا يسوغ ترك الأخذ بها والعمل بغيرها ولو كانت سنن رسول الله ص - لا يسوغ العمل بها بعد صحتها حتى يعمل بها فلان لكان قول فلان أو فلان عيارا على السنن ومزكيا لها وشرطا في العمل بها وهذا من أبطل الباطل وقد أقام الله الحجة برسوله دون آحاد الأمة وقد أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - بتبليغ سنته ودعا لمن بلغها فلو كان من بلغته لا يعمل بها حتى يعمل بها الإمام فلان والإمام فلان لم يكن في تبليغها فائدة وحصل الاكتفاء بقول فلان وفلان

قالوا والنسخ الواقع في الأحاديث الذي أجمعت عليه الأمة لا يبلغ عشرة أحاديث البتة بل ولا شطرها فتقدير وقوع الخطأ في الذهاب الى المنسوخ اقل بكثير من وقوع الخطأ في تقليد من يصيب ويخطئ ويجوز عليه التناقض والاختلاف ويقول ويرجع عنه ويحكى عنه في المسألة الواحدة عدة أقوال ووقوع الخطأ في فهم كلام المعصوم اقل بكثير من وقوع الخطأ في فهم كلام الفقيه المعين فلا يفرض احتمال خطأ لمن عمل بالحديث وأفتى به إلا وأضعاف أضعافه حاصل لمن أفتى بتقليد من لا يعلم خطؤه من صوابه

3 - القول الفصل عند ابن القيم رحمه الله:

والصواب في هذه المسألة التفصيل:

فإن كانت دلالة الحديث ظاهرة بينة لكل من سمعه لا يحتمل غير المراد فله أن يعمل به ويفتي به ولا يطلب له التزكية من قول فقيه أو إمام بل الحجة قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وإن خالفه من خالفه وإن كانت دلالته خفية لا يتبين المراد منها لم يجز له ان يعمل ولا يفتى بما يتوهمه مرادا حتى يسأل ويطلب بيان الحديث ووجهه وإن كانت دلالته ظاهرة كالعام على أفراده والأمر على الوجوب والنهي على التحريم فهل له العمل والفتوى به يخرج على الأصل وهو العمل بالظواهر قبل البحث عن المعارض وفيه ثلاثة أقوال في مذهب احمد وغيره الجواز والمنع والفرق بين العام فلا يعمل به قبل البحث عن المخصص والأمر والنهي فيعمل به قبل البحث عن المعارض وهذا كله إذا كان ثم نوع أهليه ولكنه قاصر في معرفة الفروع وقواعد الأصوليين والعربية وإذا لم تكن ثمة أهلية قط ففرضه ما قال الله تعالى فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (ألا سألوا إذا لم يعلموا إنما شفاء العي السؤال)

وإذا جاز اعتماد المستفتي على ما يكتبه المفتي من كلامه أو كلام شيخه وإن علا وصعد فمن كلام إمامه فلأن يجوز اعتماد الرجل على ما كتبه الثقات من كلام رسول الله ص - أولى بالجواز وإذا قدر انه لم يفهم الحديث كما لو لم يفهم فتوى المفتى فيسأل من يعرفه معناه كما يسأل من يعرفه معنى جواب المفتى وبالله التوفيق.

وحبَّذا لو أتحفنا الأحبة الأكارم بكلام أهل العلم المعاصرين المحققين الذين شهدوا انفجار المعلومات هذا وأدركوا حقيقة أمره, وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير