[هل يجوز التنقل بين المشاعر بملابس الإحرام بقصد التعليم؟ الجواب: في الداخل]
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[10 - 03 - 08, 04:47 ص]ـ
هل يجوز التنقل بين المشاعر بملابس الإحرام بقصد التعليم؟
سؤال:
عندنا في " مكة " تقوم بعض المدارس بإقامة رحلة تعليمية للأطفال بالحج، وذلك بإلباس الأولاد الإحرام، وصحبهم إلى المشاعر، ويقومون بالتلبية، وذلك خلال يوم دراسي في ذي القعدة، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
كان للنبي صلى الله عليه طرق متعددة في تعليم أصحابه رضي الله عنهم، وفي كل هذه الطرق كان القصد من سلوك سبيلها: تقريب المادة إلى الذهن حتى كأنه يراها، أو ليؤدي الطاعة والعبادة على وجهها الأكمل، وهذا من حُسن تعليمه صلى الله عليه وسلم، والذي أثنى عليه أصحابه به، فقال معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه: (فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ). رواه مسلم (537).
مثال الأول:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا مُرَبَّعًا، وَخَطَّ خَطًّا فِي الْوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ، وَخَطَّ خُطَطًا صِغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِي فِي الْوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي فِي الْوَسَطِ وَقَالَ: (هَذَا الْإِنْسَانُ، وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ - أَوْ قَدْ أَحَاطَ بِهِ - وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ، وَهَذِهِ الْخُطَطُ الصِّغَارُ: الْأَعْرَاضُ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا: نَهَشَهُ هَذَا، وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا: نَهَشَهُ هَذَا) رواه البخاري (6054).
ومثال الثاني:
عن سَهْل بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ قال: وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَيْهِ (يعني: المنبر) فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ وَرَاءَهُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ رَفَعَ فَنَزَلَ الْقَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ آخِرِ صَلَاتِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي، وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي) رواه البخاري (875) ومسلم (544).
وهو ما فعله الصحابة رضي الله عنهم من تعليم الناس بالعمل، كما فعله عثمان بن عفان رضي الله عنه في تعليم الناس الوضوء عمليّاً، وكما فعل مالك بن الحويرث وعقبة بن عمرو رضي الله عنهما عندما علَّما الناس صلاة النبي صلى الله عليه وسلم عمليّاً، وحديث عثمان في الصحيحين، وحديث مالك في البخاري، وحديث عقبة في أبي داود والنسائي.
وقد كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر صلاةً شرعية حقيقية، وليست حركات من أجل التعليم، وهكذا كان وضوء عثمان، وصلاة مالك بن الحويرث وعقبة بن عمرو رضي الله عنهم.
عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا فَقَالَ: إِنِّي لَأُصَلِّي بِكُمْ وَمَا أُرِيدُ الصَّلَاةَ، أُصَلِّي كَيْفَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي.رواه البخاري (645).
وبوَّب عليه البخاري: باب مَن صلَّى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلِّمهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وسنَّته. انتهى
وحمل قوله " وما أريد الصلاة " على أنه لم يُرد الصلاة بهم إماماً، وحُمل على أنه لم تكن ذمته مشغولة بصلاة، فصلاها بهم نافلة.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
استشكل نفي هذه الإرادة؛ لما يلزم عليها من وجود صلاة غير قُربة، ومثلها لا يصح، وأجيب: بأنه لم يرد نفي القربة، وإنما أراد بيان السبب الباعث له على الصلاة في غير وقت صلاة معينة جماعة، وكأنه قال: ليس الباعث لي على هذا الفعل حضور صلاة معينة من أداء، أو إعادة، أو غير ذلك، وإنما الباعث لي عليه: قصد التعليم، وكأنه كان تعين عليه حينئذ؛ لأنه أحد من خوطب بقوله (صلوا كما رأيتموني أصلي) - كما سيأتي - ورأى أن التعليم بالفعل أوضح من القول، ففيه دليل على جواز مثل ذلك، وأنه ليس من باب التشريك في العبادة.
" فتح الباري " (2/ 163).
ثانياً:
¥