تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[فتوى الإمام الشاطبي في المولد النبوي (مع فوائد أخرى)]

ـ[فريد المرادي]ــــــــ[20 - 03 - 08, 07:41 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

«فتوى الإمام الشاطبي في المولد النبوي مع فوائد أخرى»

الحمد لله، وبعد:

فمن الاحتفالات التي اعتاد الناس إقامتها في هذا الشهر الاحتفال بالمولد النبوي، وهو لا شك من البدع؛ لإنَّه اجتماع على أعمال يُقصد بها التقرب إلى الله، والله لا يُتقرب إليه إلا بما شرع، ولا يُعبد إلا بما شرع، فكلُّ محدثة في الدين بدعة، والبدع منهي عنها.

قال الله ـ تعالى ـ: ((أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) وقال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))، أخرجاه عن عائشة، وفي لفظ لمسلم: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ((وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة))، رواه مسلم.

وفي حديث العرباض بن سارية ـ رضي الله عنه ـ، قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ((عليكم بسنتي وسنة الخفاء الراشدين المهدييِّن من بعدي تمسَّكوا بها وعضُّوا عليها بالنَّواجذ، وإيَّاكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة)).

إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على النهي عن الابتداع في دين الله، وعن تشريع الناس لأنفسهم عبادات وأعمالا يتقربون بها إلى الله، وهي لم يشرعها الله ولا رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ[1].

وقد تتابع أهل العلم منذ ظهور هذه البدعة الشنيعة على إنكارها، وإنكار ما يلتزمه الناس فيها دون سائر الأيام، ومن هؤلاء الأعلام؛ الإمام العلاّمة أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي المالكي ـ رحمه الله ـ (ت 790هـ)؛ صاحب «الموافقات» و «الاعتصام»؛ التي لم يُؤلَّف في بابها مثلها، فكيف بأحسن منها؟

فقد ورد له كلام نفيس ضمن جوابه على جملة مسائل في كثير من البدع التي اعتادها الناس [2]، وكانت المسألة الأولى عن حكم الوصية من الميراث لإقامة المولد النبوي، فقال ـ رحمه الله ـ: ( ... فمعلوم أن إقامة المولد على الوصف المعهود بين الناس بدعة محدثة، وكل بدعة ضلالة، فالإنفاق على إقامة البدعة لا يجوز والوصيَّة به غير نافذة، بل يجب على القاضي فسخُه وردُّ الثلث إلى الورثة يقتسمونه فيما بينهم، وأبعد الله الفقراء [3] الذين يطلبون إنفاذ مثل هذه الوصيّة ... ) انتهى المراد من كلامه.

و سُئل [4]: هل كل بدعة حُسِّنت أو قُبِّحت ضلالة لعموم الحديث، أم تنقسم إلى أقسام الشريعة كما قال بعض الناس [5]؟ والسلام.

فأجاب ـ رحمه الله ـ بقوله: ( .. قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ((كلُّ بدعة ضلالة)) محمول عند العلماء على عمومه، لا يُستثنى منه شيء ألبتة، وليس فيها ما هو حَسَنٌ أصلا، إذ لا حَسَن إلاّ ما حّسَّنه الشرع، ولا قبيح إلا ما قبَّحه الشرع، فالعقل لا يُحسِّن ولا يُقبِّح، وإنمَّا يقول بتحسين العقل وتقبيحه أهل الضلال [6].

وما ذكره بعض الناس في تقسيم البدع لا يصح ظاهره، بل له غَور لا أقدر الآن على تقريره، فمن حمله على ظاهره زلَّ، وبالله التوفيق.

وأمَّا قولكم أولا: هل نحن مأجورون على فعلها أو داخلون تحت وعيد ما ذكرتم؟؛ فإنَّ يحيى بن يحيى [7] قال: (ليس في خلاف السنَّة رجاءُ ثوابٍ).

والسلام على من يقف على هذا من كاتبه الشاطبي ورحمة الله وبركاته) اهـ.

و قال ـ أيضاً ـ في «الاعتصام» (1/ 46 ـ ط مشهور): (ومنها [أي البدع]: التزام الكيفيات والهيئات المعينة؛ كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد، واتخاذ يوم ولادة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عيداً، وما أشبه ذلك).

وللشيخ أبي عبد الله الحفَّار الغرناطي ـ رحمه الله ـ (ت811هـ) فتوى في نفس الموضوع [8] ذهب فيها إلى ما ذهب إليه الشاطبي، وأفاض في الجواب لمَّا سُئل عن رجل حبَّس أصل توت على إقامة المولد، ثمَّ مات فأراد ولده أن يتملَّك أصل التوت.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير