تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والطبراني في الأوسط (5124) -ومن طريقه ابن الأثير في أسد الغابة (3/ 216) - من طريق عبيد الله بن عائشة،

والبيهقي في الشعب (9057) من طريق يحيى بن أبي بكير،

ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أبي مدينة الدارمي، قال: كان الرجلان من أصحاب محمد -صلى الله عليه و سلم- إذا التقيا، ثم أرادا أن يفترقا، قرأ أحدهما: (والعصر * إن الإنسان لفي خسر) حتى يختمها، ثم يسلم كل واحد منهما على صاحبه. هذا لفظ أبي داود.

قال الطبراني: " لا يُروى هذا الحديث عن أبي مدينة إلا بهذا الإسناد، تفرد به حماد بن سلمة "، وقال الذهبي -في تاريخ الإسلام (6/ 540) -: " هذا حديثٌ غريبٌ جدًّا، ورواتُهُ مشهورون ".

وحماد أوثق الناس في ثابت، حكم بذلك غير واحد من الأئمة.

وقد أشار البيهقي إلى اختلافٍ على حماد، قال: " ورواه غيره عن حماد، عن ثابت، عن عقبة بن عبد الغافر، قال: (كان الرجلان ... )، فذكره "، ووقع (عقبة بن عبد الغافر) في المطبوعة القديمة: عتبة بن الغافر، ولذا لم يعرفه الألباني -رحمه الله- في الصحيحة (6/ 308)، وجاء على الصواب في الطبعة الجديدة للشعب (11/ 349 ط. الرشد).

إلا أنه لم ينفرد به يحيى بن أبي بكير عن حماد بالوجه الأول، فقد تابعه -كما سبق- أبو سلمة التبوذكي وعبيد الله بن عائشة.

ولم يُعرف الذي خالفهم فأبدل أبا مدينة الدارمي بعقبة بن عبد الغافر، ولم يوقَف على هذه الرواية التي أشار إليها البيهقي، فالمعتمد رواية الثلاثة الثقات.

وأما أبو مدينة الدارمي، فقد قال الطبراني في سياق إسناده: " وكانت له صحبة "، وأخرج حديثه فيمن اسمه عبد الله في معجمه الكبير -كما ذكر ابن حجر في تعجيل المنفعة (ص219) -، والمصادر تختلف في اسمه، بين: عبد الله بن حصن، وعبد الله بن حصين، وعبد الله بن محصن، وانظر: تعليق العلامة المعلمي على الجرح والتعديل (5/ 39).

وشابهه تابعي في الاسم والكنية، قال ابن حجر -في الإصابة (4/ 57) -: " وفي التابعين أبو مدينة عبد الله بن حصن السدوسي، يروي عن أبي موسى الأشعري، حديثه في مسند الشافعي، ذكره البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان ".

والذي يظهر أن الرجلين واحد، هو التابعي؛ لأمرين:

- أن رواية الدارمي لهذا الحديث عن الصحابة، والأغلب أن الرواة عن الصحابة تابعون،

- أن احتمال اختلاف النسبة واتحاد الرجل وارد، فقد قال السمعاني -في الأنساب (2/ 440) -: " الدارمي ... ، هذه النسبة إلى بني دارم، وهو دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم "، وقال (3/ 235): " السدوسي ... ، هذه النسبة إلى جماعة قبائل ... قال ابن حبيب: (في تميم سدوس بن دارم بن مالك بن حنظلة) "، فيمكن اعتبار النسبة إلى سدوس في تميم نسبةً إلى دارم، لأن دارمًا أبو سدوس.

إلا أن خليفة عدَّ -في الطبقات (ص209) - أبا مدينة من بني سدوس بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، وهو آخر غير جد التميميين. ويدخل على اختلاف النسبة هذا -إن صح- احتمالُ أن يكون مَنْ دون أبي مدينة السدوسي نسبَهُ دارميًّا، ظنًّا أنه من بني سدوس بن دارم التميمي، وإنما هو من بني سدوس بن ذهل. والله أعلم.

ولورود احتمال كون الرجلين واحدًا؛ أشار ابن حجر إلى شكه في اعتبار الطبراني أبا مدينة الدارمي من الصحابة، قال -في الإصابة (4/ 57) -: " فإن كان الطبراني ضبط أن اسم الصحابي عبد الله بن حصن ولم يلتبس عليه بهذا التابعي ... "، وقال -في تعجيل المنفعة (ص219) -: " فان كان ضبط نسبه فهما اثنان ... ".

وجزم الذهبي بخطأ ذلك، قال -في تاريخ الإسلام (6/ 539) -: " قيل: (له صحبة)، ولم يصح "، ثم ذكر مشايخ التابعي السدوسي، ومن روى عنه، ثم ذكر هذا الحديث مسندًا، فاعتبرهما واحدًا.

وقال ابن الأثير -في أسد الغابة (3/ 216) - بعد أن أسند الحديث عن أبي موسى المديني: " أخرجه أبو موسى، وقال: (أورد ابن منده وغيره أبا مدينة في الكنى من التابعين، وقال: يروي عن عبد الرحمن بن عوف) ".

وفي كون الكنية من الآحاد، ولا يُذكر الرجل في الصحابة في الكتب المعنية بالكنى= ما يشير إلى أن أبا مدينة واحد، هو التابعي.

إذا تقرر ذلك، فلم أجد في أبي مدينة جرحًا ولا تعديلاً، وذكره -كما ذكر ابن حجر- البخاري في التاريخ (5/ 71)، وابن أبي حاتم في الجرح (5/ 39)، وابن حبان في الثقات (5/ 21).

والله أعلم.

ـ[ابن وهب]ــــــــ[05 - 03 - 08, 01:02 ص]ـ

بارك الله فيكم ونفع بكم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير