تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثمّ إنَّ الاحتفال بعيد ميلاد عيسى ـ عليه السلام ـ ليس من عادات الكفار، وإنَّما هو من عباداتهم، كما أفصح عن ذلك ابن القيم ـ رحمه الله ـ في «زاد المعاد» (1/ 59) ( http://**********:AppendPopup(this,'pjdefOutline_50')) بقوله: «من خصَّ الأمكنة والأزمنة من عنده بعبادات لأجل هذا، كان من جنس أهل الكتاب الذين جعلوا زمان أحوال المسيح مواسم وعبادات، كيوم ميلاده، ويوم التعميد، وغير ذلك من أحواله».

وإذا سلَّمنا ـ جدلاً ـ أنَّه من عاداتهم، فقد نُهينا عن التشبُّه بأهل الكتاب وتقليدهم، سواء في أعيادهم أو في غيرها لقوله ـ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم ـ: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» [11]، وأقلُّ أحوال الحديث اقتضاء تحريم التشبُّه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبِّه بهم كما في قوله ـ تعالى ـ: ((وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)) [المائدة: 51]، [انظر «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية: (1/ 270) ( http://**********:AppendPopup(this,'pjdefOutline_52'))] ، ومعلوم أنَّ المشابهة إذا كانت في أمور دنيوية فإنَّها تورث المحبَّة والموالاة، فكيف بالمشابهة في أمور دينية؟ فإنَّ إفضاءَها إلى نوعٍ من الموالاة أكثر وأشدُّ، والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان، كما قرَّره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ[انظر المصدر السابق (1/ 550) ( http://**********:AppendPopup(this,'pjdefOutline_53'))] . انتهى

و قال الشيخ د. عبد المجيد جمعة الجزائري ـ حفظه الله ـ في (المورد الروي في حكم الاحتفال بالمولد النبوي) [12]:

فإن قيل: أنتم تنكرون الاحتفال بالمولد وأنتم قلة قليلة وأكثر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يحتفلون ويفرحون ويلعبون، بل فعله قوم من أهل العلم و الفضل، فعلى آثارهم نحن مقتدون.

فيقال: إن الحق لا يعرف بالكثرة ولا بالرجال، بل بالأدلة الشرعية، وقد ذم الله ـ جل وعلا ـ الكثرة في موضع كثيرة في القرآن الكريم، من ذلك قوله ـ تعالى ـ: ((ولكن أكثر الناس لا يعلمون)) [الأعراف: 187]، وقوله ـ تعالى ـ: ((وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله)) [الأنعام: 116]، وفي المقابل يمدح القلة التي على الحق؛ قال ـ تعالى ـ: ((إلا اللذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم)) [ص: 24]، وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:» الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس «، رواه الشيخان من حديث النعمان ابن البشير.

والعجيب أن هذه الكثرة أكثرها لا يعرف من نبيه إلا اسمه أو رسمه، وأسوؤهم حظا لا يعرفه إلا في هذه المناسبة ناهيك عن إضاعة الواجبات وانتهاك الحرمات وركوب لجج المحرمات.

وأما فعله من بعض أهل العلم والفضل، فهذا إن كان فعله مجتهدا ومتأولا فقد يؤجر على حسن قصده [13]، لكن لم نؤمر باتبعاه في كبوته وتقليده في هفوته، وإنما أمرنا باتباع الحق وندور معه حيثما دارت ركابه.

ثم لو اتبعت الأمة رخص العلماء وشذوذهم لضاع الدين واندرست أحكامه، وانتكست أعلامه.

ثم إن بعض هؤلاء موقفه من السنة معلوم مذموم، فمنهم من ردها بعقله، ومنهم من ردها بذوقه، ومنهم من ردها بسياسته، ومنهم من ردها برأيه أو آراء الرجال.

ثم يقال: إذا فعله قوم ذوو علم وفضل، فقد تركها أقوام هم أوسع علما وأدق فهما، و أبر قلوبا و أقل تكلفا من الصحابة و التابعين و الأئمة المجتهدين.

فإن قيل: قد ورثناه أبا عن جد، واتبع في ذلك آخرنا أولنا، ولاحقنا سابقنا، فيقال: هذا هو التقليد المذموم الذي ذمه الله في كتابه و هو اتباع ما كان عليه الآباء و الأجداد، فقال ـ تعالى ـ: ((وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون)) [المائدة: 104].

فإن قيل: إذا نعتبرها بدعة حسنة، فيقال: ليس في الدين بدعة حسنة و بدعة قبيحة، بل إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال القول الفصل ليس بالهزل: ((كل بدعة ضلالة))، فهذا نص لا يحل رد دلالته على ذم البدع مطلقا، أو معارضته بعادات أو قول بعض العلماء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير