تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[رأي العلامة العثيمين في تزويج الصغيرة.]

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[15 - 08 - 08, 07:15 م]ـ

قال البخاري في صحيحه في كتاب (النكاح):

بَاب إِنْكَاحِ الرَّجُلِ وَلَدَهُ الصِّغَارَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}، فَجَعَلَ عِدَّتَهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ قَبْلَ الْبُلُوغِ.

ـــــ

قال العلامة ابن عثيمين في شرحه على البخاري:

[الشاهد في هذا الباب قوله تعالى ((واللائي لم يحضن) يعني: اللائي لم يحضن عدتهن ثلاثة أشهر، ولا عدة إلا بعد نكاح، والتي لم تحض على حسب استدلال اليبخاري –رحمه الله تعالى- هي التي لم تبلغ، أي: صغيرة.

ولكن قد يقال: إن البلوغ ليس علامته الحيض فقط، فقد تبلغ بخمس عشرة سنة وتُزوَّج، ولا يأتيها الحيض، فهذه عدتها ثلاثة أشهر، فلهذا استدلال البخاري –رحمه الله تعالى- فيه نظر، لأنه ما يظهر لنا أنها تختص بمن لا تحيض، فإنه يمكن أن تبلغ بتمام خمس عشرة، بالإنبات، أو بالإنزال كما هو معروف.

(ثم قرأوا على الشيخ كلاما للحافظ من الفتح (9/ 190):

"" قَوْله (لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ، فَجَعَلَ عِدَّتهَا ثَلَاثَة أَشْهُر قَبْل الْبُلُوغ)

أَيْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ نِكَاحهَا قَبْل الْبُلُوغ جَائِز، وَهُوَ اِسْتِنْبَاط حَسَن، لَكِنْ لَيْسَ فِي الْآيَة تَخْصِيص ذَلِكَ بِالْوَالِدِ وَلَا بِالْبِكْرِ. وَيُمْكِن أَنْ يُقَال الْأَصْل فِي الْأَبْضَاع التَّحْرِيم إِلَّا مَا دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيل، وَقَدْ وَرَدَ حَدِيث عَائِشَة فِي تَزْوِيج أَبِي بَكْر لَهَا وَهِيَ دُون الْبُلُوغ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْل، وَلِهَذَا السِّرّ أَوْرَدَ حَدِيث عَائِشَة، قَالَ الْمُهَلَّب: أَجْمَعُوا أَنَّهُ يَجُوز لِلْأَبِ تَزْوِيج اِبْنَته الصَّغِيرَة الْبِكْر وَلَوْ كَانَتْ لَا يُوطَأ مِثْلهَا، إِلَّا أَنَّ الطَّحَاوِيّ حَكَى عَنْ اِبْن شُبْرُمَةَ مَنْعه فِيمَنْ لَا تُوطَأ، وَحَكَى اِبْن حَزْم عَنْ اِبْن شُبْرُمَةَ مُطْلَقًا أَنَّ الْأَب لَا يُزَوِّج بِنْته الْبِكْر الصَّغِيرَة حَتَّى تَبْلُغ وَتَأْذَن، وَزَعَمَ أَنَّ تَزْوِيج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَة وَهِيَ بِنْت سِتّ سِنِينَ كَانَ مِنْ خَصَائِصه، وَمُقَابِله تَجْوِيز الْحَسَن وَالنَّخَعِيِّ لِلْأَبِ إِجْبَار بِنْته كَبِيرَة كَانَتْ أَوْ صَغِيرَة بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا.

(تَنْبِيه):

وَقَعَ فِي حَدِيث عَائِشَة مِنْ هَذَا الْوَجْه إِدْرَاج يَظْهَر مِنْ الطَّرِيق الَّتِي فِي الْبَاب الَّذِي بَعْده ""اهـ.

الحاصل أن الاستدلال بالآية ليس بظاهر، أما الاستدلال بحديث عائشة – رضي الله عنها- أن أبا بكر زوجها ولها ست سنين، ودخل عليها النبي –صلى الله عليه وسلم – ولها تسع سنين، فهذا صحيح أن فيه أن تزويج الرجل أولاده الصغار، ولكن قد يقال: متى يكون الزوج كالرسول –صلى الله عليه وسلم -، ومتى تكون البنت عائشة.

أما أن يأتي إنسان طمّاع لا همّ له إلا المال، فيأتيه رجل ما فيه خير، ويقول زوجني بنتك، وهي عنده ثلاث عشرة سنة أو أربع عشرة سنة، ما بلغت بعد، ويعطيه مائة ألف، فيزوجه إياها ويقول: الدليل على ذلك أن أبا بكر- رضي الله عنه – زوّج عائشة النبيَّ.

نقول: هذا الاستدلال بعيد ما فيه شك، وضعيف، لأنه لو ما أعطاك المائة ألف ولا أعطاك كذا وكذا، ما زوجته، ولا استدللت بحديث عائشة وتزويج أبي بكر للنبي –صلى الله عليه وسلم- إياها.

فالمسألة عندي أن منعها أحسن، وإن كان بعض العلماء حكى الإجماع على جواز تزويج الرجل ابنته التي هي دون البلوغ، ولا يعتبر لها إذن، لأنها ما تعرف مصالحها.

وبعضهم قال: هذا خاص بمن دون التسع.

فالذي يظهر لي أنه من الناحية الانضباطية في الوقت الحاضر، أن يُمنع الأبُ من تزويج ابنته مطلقا، حتى تبلغ وتُستأذن، وكم من امرأة زوّجها أبوها بغير رضاها، فلما عرفت وأتعبها زوجها قالت لأهلها: إما أن تفكوني من هذا الرجل، وإلا أحرقت نفسي، وهذا كثير ما يقع، لأنهم لا يراعون مصلحة البنت، وإنما يراعون مصلحة أنفسهم فقط، فمنع هذا عندي في الوقت الحاضر متعين، ولكل وقت حكمه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير