تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[يسألونك عن الأهلة ج1 للشيخ أبي حاتم القسنطيني]

ـ[ابو البراء]ــــــــ[30 - 08 - 08, 01:54 ص]ـ

يسألونك عن الأهلة ج1

الحمد لله رب العالمين القائل) تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا (الفرقان: 61 والقائل) إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين (الأعراف: 54. والقائل كذلك) الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون (الرعد: 4. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، فاللهم صل وسلم وبارك على هذا النبي الأمي وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين. أما بعد:

كان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال أن يقول: "اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله. هلال خير ورشد، هلال خير ورشد، ربي وربك الله، آمنت بالذي خلقك". يقولها ثلاثا وعند الطبراني " أن الصحابة كانوا يتعلمون الدعاء الذي يقال عند رؤية الهلال ".

إن الناظر في القرآن الكريم يجد حديثا كثيرا عن القمر والأهلة ونجد بصفة خاصة أن الله تعالى ذكر القمر في معرض مدح نفسه بذكر قدرته وكيف رفع السموات بغير عمد وكيف سخّر الشمس والقمر وعلّقهما في السماء كل هذا ليَفهم عبيده بأنّه قادرٌ على بعثهم ولقائهم بعد الموت. وقد وقعت في السيرة آية محسوسة عاجلة وهي انشقاق القمر وهذه المعجزة كانت حجّة على من أنكر البعثة المحمدية، فيمكن القول مع هذا كلّه أن الله جعل في الأهلّة من الآيات وربط بها من الأحكام و التشريعات ما جعلها جديرة بالاهتمام والسؤال عنها، وقد تصدّى القرآن لذلك؛ ولو لم تكن هناك فائدة في السؤال عنها لما تعرّض لها القرآن بالجواب ولما سأل عنها الصحابة لأنهم كانوا لا يسألون إلا عما ينفعهم كما قال ابن عباس-رضي الله عنهما-. فاسمع غير مأمور إلى القرآن يحدّثك:

قال الله جل وعلا) يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج (البقرة: 189 هذه الآية من سورة البقرة وقعت مباشرة بعد ذكر فريضة الصّيام وكذلك وقعت بعد قوله تعالى) و إذا سألك عبادي عني (الآية؛فما الحكمة من السؤال عن الأهلّة؟ وماذا ربط الله تعالى بها من تشريعات تخص عبادة الناس؟ وهل من فضل في اختصاص الأمة الإسلامية بأن رُبِطت عباداتها بالتوقيت القمري؟ أسئلة وغيرها سنجيب عنها إن شاء الله تعالى في كلامنا على هذه الآية العظيمة) يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج (.

فنقول ابتداء: الأهلّة جمعٌ واحده هلال وهو القمر في أوله وعند ميلاده لشهر جديد. فإذا ازداد نموُّه سمِّي قمرا فإذا اكتمل سمِّي بدرا. وجاءت تسمية الهلال من التهليل، لأنهم كانوا إذا تراءوه هلّل بعضهم لبعض برؤيته و رفعوا أصواتهم بالإخبار عنه. لكن لماذا سألوا عن الأهلّة والقمر ولم يسألوا عن الشمس مثلا؟ فهذا مهمٌّ.

و جواب ذلك: أنّ الشمس كانوا يشاهدونها تأتي وتروح تشرق وتغرب على وتيرة واحدة وطريقة واحدة سائر العام لا يتغير شكلها ولا توقيتها في شيء، لكنّ الهلال كان يبدأ رقيقا دقيقا ثم ينمو ويزداد حتى يكتمل بدرا ثم يتناقص حتى يختفي ليظهر غيره من جديد؛ فهذا سببٌ كاف للتساؤل (1) ولا بد له من جواب؛ فلما تساءلوا أجابهم القرآن) قل هي مواقيت للناس والحج (فتطوّر الأهلة وتغيّرها الحكمة منه التوقيت العام للناس والتوقيت الخاص للعبادات؛ فجلّ العبادات التوقيت من شروطها ولا تصح إلا به، فالحج مثلا) الحج أشهر معلومات (، وهذا الصيام) فمن شهد منكم الشهر فليصمه (، وكذا الزكاة) وآتوا حقه يوم حصاده (، وكذلك الكفارات والعِدّة وغيرها من العبادات محتاجة للتوقيت لتنضبط فلابد إذن من ميقات-زماني أو مكاني- وهو ضروري لنظام حياة الأمم. ولهذا نجد كل أمّة اتخذت لنفسها ميقاتا خاصّا بها، كالتاريخ العبري والقبطي والفارسي والتاريخ الميلادي وغير ذلك؛ فلزم أن تتميّز الأمة العربية والإسلامية بميقات وتأريخ خاصّ بها، ولقد كان العرب قبل الإسلام لهم توقيتٌ لكن ليست له بداية، وكانت كل سنة عندهم وِحدةٌ بنفسها ولا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير