تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[شرح قوله تعالى (الخبيثات للخبيثين) والتوفيق بينها وبين حال امرأتي نوح ولوط]

ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[18 - 08 - 08, 04:04 ص]ـ

[شرح قوله تعالى (الخبيثات للخبيثين) والتوفيق بينها وبين حال امرأتي نوح ولوط]

السؤال: ما تفسير الآية التالية: (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات) سورة النور، وكيف نوفق بين الآية وبين ما نسمعه من أنه قد تكون الزوجة صالحة والزوج فاسقاً كأن لا يصلي أو يشرب الخمر؟.

الجواب:

الحمد لله

أولاً:

قال الله تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) النور/26.

وقد اختلف المفسرون في معناها على أقوال متقاربة، لا يناقض بعضها بعضا.

فمن معاني " الخبيث " و " الطيب " في الآية:

1. الخبث والطيب في الأقوال.

فيكون معنى الآية: الكلمات الخبيثات من القول للخبيثين من الرجال، وكذا الخبيثون من الناس للخبيثات من القول، وكذا الكلمات الطيبات من القول للطيبين من الناس، والطيبون من الناس للطيبات من القول.

وهذا قول عبد الله بن عباس، ومجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، والشعبي، والحسن البصري، وحبيب بن أبي ثابت، والضحاك، واختاره ابن جرير الطبري.

قال النحاس في كتابه " معاني القرآن ":

وهذا من أحسن ما قيل في هذه الآية.

ودل على صحة هذا القول: قوله تعالى (أولئك مبرءون مما يقولون) أي: عائشة وصفوان مبرَّآن مما يقول الخبيثون والخبيثات.

قال الطبري – رحمه الله -:

وأولى هذه الأقوال في تأويل الآية: قول من قال: عنى بالخبيثات: الخبيثات من القول، وذلك قبيحه وسيئه، للخبيثين من الرجال والنساء، والخبيثون من الناس للخبيثات من القول، هم بها أولى؛ لأنهم أهلها، والطيبات من القول، وذلك حسنه وجميله، للطيبين من الناس، والطيبون من الناس للطيبات من القول ; لأنهم أهلها وأحقّ بها.

وإنما قلنا هذا القول أولى بتأويل الآية: لأن الآيات قبل ذلك إنما جاءت بتوبيخ الله للقائلين في عائشة الإفك، والرامين المحصنات الغافلات المؤمنات، وإخبارهم ما خصهم به على إفكهم، فكان ختم الخبر عن أولى الفريقين بالإفك من الرامي والمرمي به: أشبه من الخبر عن غيرهم.

وقوله: (أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ) يقول: الطيبون من الناس مبرّءون من خبيثات القول، إن قالوها فإن الله يصفح لهم عنها، ويغفرها لهم، وإن قيلت فيهم ضرّت قائلها ولم تضرّهم، كما لو قال الطيبَ من القول الخبيثُ من الناس لم ينفعه الله به؛ لأن الله لا يتقبله .. "

" ولو قيلت له لضرّته؛ لأنه يلحقه عارها في الدنيا، وذلها في الآخرة ".

" تفسير الطبري " (19/ 144، 145).

2. الخبيث والطيب من الأفعال:

ويكون معنى الآية: الأفعال الخبيثات للخبيثين من الرجال، وكذا الخبيثون من الناس للخبيثات من الأفعال، وكذا الأفعال الطيبات للطيبين من الناس، والطيبون من الناس للطيبات من الأفعال.

وهو قول حبيب بن أبي ثابت، وعطاء بن أبي رباح، وقتادة، وروي عن هؤلاء الأئمة أنهم أضافوا الأقوال إلى الأفعال في معنى الآية؛ فجمعوا بين القولين السابقين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:

قال جمهور السلف: الكلمات الخبيثة للخبيثين، ومن كلام بعضهم: الأقوال والأفعال الخبيثة للخبيثين.

وقد قال تعالى (ضرب الله مثلاً كلمة طيبة)، (ومثل كلمة خبيثة)، وقال الله: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)، والأقوال والأفعال صفات القائل الفاعل، فإذا كانت النفس متصفة بالسوء والخبث: لم يكن محلها ينفعه إلا ما يناسبها.

" مجموع الفتاوى " (14/ 343).

3. الخبث والطيب من الأشخاص في النكاح:

ويكون معنى الآية: الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال، وكذا الخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء.

وهو قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير