تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خامساً: على الإمام أن يختار الجوامع من الأدعية، لقول عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك». وإن بدأه بحمد الله تعالى والثناء عليه، ثم الصلاة على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فهو أولى.، لحديث فضالة بن عبيد 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: سمع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلاً يدعو في صلاته لم يُمَجِّد الله تعالى، ولم يصلِّ على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: «عَجَّلَ هَذَا» ثم دعاه فقال له أو لغيره: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَليَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ ربِّهِ جَلَّ وعَزَّ وَالثَّنَاءِ عَلَيهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ».

واعلم أنه لم يصح عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قنت في الوتر، والقنوت أمر ظاهر، لأنه دعاء ورفع يدين، فلو كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يفعله دائماً أو غالباً لنقله مَن كان ملازماً للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كعائشة رضي الله عنها، والله أعلم. وإنما أُخذت سُنية القنوت من تعليم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الحسن بن علي رضي الله عنه الدعاء المأثور: «اللهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيكَ، إِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيتَ، وَلا يَعِزُّ مَنْ عَادَيتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيتَ»، -على القول بثبوت لفظة: «قنوت الوتر» - قال الحافظ في "التلخيص": "قال الخلال عن أحمد: لا يصح فيه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شيء، ولكن عمر كان يقنت"، وقال الإمام ابن خزيمة: "ولست أحفظ خبراً ثابتاً عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في القنوت في الوتر ... "،وقد ثبت عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يقنتون، فقد ورد عن عطاء، وقد سئل عن القنوت، قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفعلونه.وكان ابن عمر لا يقنت إلا في النصف الآخر من رمضان.وقال الإمام الزهري: لا قنوت في السنة كلها إلا في النصف الآخر من رمضان) وقال الإمام أبو داود: قلت لأحمد: القنوت في الوتر السنة كلها؟ قال: إن شاء، قلت فما تختار؟ قال أما أنا فلا أقنت إلا في النصف الباقي، إلا أن أصلي خلف الإمام فيقنت، فأقنت معه. وعلى هذا فمداومة أئمة المساجد على القنوت في رمضان بحيث لا يتركونه إلا قليلاً يحتاج إلى دليل.

سادساً: لم يثبت في مشروعية دعاء الختم في آخر رمضان شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، وأفضل العبادات – كما يقول ابن تيمية – ما وافق هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه. وليس مع من استحبه دليل يذكر سوى أنه من عمل أهل المصرين: مكة، والبصرة، والسنة لا تثبت بمثل ذلك، لا سيما أنه منقطع عن عصر الصحابة رضي الله عنهم، وتوارث العمل إنما يكون في موطن الحجة حيث يتصل بعصر التشريع، فإن لم يكن كذلك فلا. ورحم الله الإمام مالكاً وهو عالم المدينة في زمانه حيث قال: (ما سمعت أنه يدعو عند ختم القرآن، وما هو من عمل الناس).

وقد اشتهرت هذه المسألة عند الحنابلة في روايات عن الإمام أحمد ذكرتها كتب المذهب، وقد جاء في رواية حنبل قال: سمعت أحمد يقول في ختم القرآن إذا فرغت من قراءة (قل أعوذ برب الناس) فارفع يديك في الدعاء قبل الركوع، قلت: إلى أي شيء تذهب في هذا؟ قال: رأيت أهل مكة يفعلونه.

وهذا دليل على أنه لو كان عند الإمام أحمد رحمه الله سنة ماضية مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو متصلة إلى بعض الصحابة رضي الله عنهم لاعتمدها في الدلالة، وهو رحمه الله من أرباب الإحاطة في الرواية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير