فالشّريعة الإسلاميّة أغلقت منافذ الشّيطان حتّى لا يتسلّل إلى قلب المسلم فيثير فيه الشّهوة، فحرّم الله إطلاق البصر والدّخول على النّساء ولمسَهنّ، فكيف بالاختلاط!؟ ومن كان يريد الأدلّة المؤيّدة لذلك فما عليه إلاّ أن يُلْقِي نظرة سريعة خاطفة على أحكام المرأة عند الخروج من بيتها عموما، ثمّ أحكامها في أشرف البقاع، وهي المساجد خصوصا.
أوّلا: أحكام المرأة عند خروجها من بيتها:
الأصل الّذي اتّفق عليه العلماء هو أنّ المرأة مبناها على القرار في البيوت، قال - تعالى -: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنّ) [الأحزاب: 33]. حتّى إنّ الله - تعالى - جعل صلاة المرأة في بيتها أفضلَ من صلاتها في مسجد قومها، وصلاتها في مسجد قومها أفضل من صلاتها في مسجد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأنّه ما تقرّبت المرأة إلى الله بشيء كما تقرّبت بقرارها في بيتها.
فإن اضطرّت أو احتاجت إلى الخروج من بيتها لأيّ سبب ولو إلى المسجد فعليها أن تُراعِي الشّروط الّتي ذكرت في الكتاب والسنّة وأقوال علماء الأمّة. كلّ ذلك استجابة لقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه التّرمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ».
فأوّل الشّروط: تستّرها وألاّ تخرج متعطّرة، وإن وضعت في بيتها عطرا وطرأ عليها ما يوجب خروجها فعليها أن تُزيله، وإلاّ دخلت تحت الوعيد الشّديد الّذي جاء على لسان أشرف العبيد!
روى أبو داود والتّرمذي والنّسائي وأحمد عَنْ عبدِ الله بْنِ قَيس أبي موسى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ».
ألاّ تخضع بالقول، قال - تعالى -: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) [الأحزاب: 32]، هذا الخطاب وُجِّه لأمّهات المؤمنين أطهر النّساء سيرة، وأصفاهنّ سريرة، والخضوع بالقول نوعان:
الأوّل: هو الكلام اللّيّن الّذي فيه تغنّج وتغنّ، فلا يحلّ للمرأة أن تخاطب الأجانب على الطّريقة الّتي تخاطب بها زوجها.
الثّاني: هو الكلام الزّائد عن الحاجة، وللأسف فإنّك ترى المرأة تحدّث البائع في المحلاّت وكأنّه محرما لها.
المشي بالسّكينة والوقار، وهذا أمر عامّ للرّجال والنّساء، قال - تعالى -: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) [لقمان: 19]، وهذا الأمر في حقّ المرأة آكد، فلا يحلّ لها أن تمشي وتتحدّث كما لو أنّها في بيت أهلها، ولتتذكّر قول قتادة - رحمه الله - في تفسير قوله - تعالى -: (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) [الأحزاب: 33] قال: كانت لهنّ مِشية تخنّث وتغنّج.
أمن الفتنة: وهو الاعتداء عليها بالقول والفعل.
ترك الاختلاط بالرّجال، في الأسواق، والحافلات، وفي الطّريق، وفي الدّراسة، بل وفي المسجد.
ثانيا: وأحكامها عند الخروج إلى المسجد:
فعليها أن تُراعي الشّروط الّتي سبق ذكرها، روى مسلم عَنْ زَيْنَبَ الثَّقَفِيَّةَ كَانَتْ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْعِشَاءَ فَلَا تَطَيَّبْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ». وروى مسلم أيضا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلَا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ».
ثمّ نلاحظ أنّ:
النبيّ - صلى الله عليه وسلم - جعل بابا خاصّا للنّساء بالمسجد لا يدخل منه الرّجال، روى أبو داود عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ». قَالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ - رضي الله عنه - حَتَّى مَاتَ. هذا في المسجد فلا تتحدّث عن غيره!؟
¥