تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم, كتاب الصيام يقول المصنف ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: (ويجب صيام رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم ويؤمر به الصبي إذا أطاقه ويجب بأحد ثلاثة أشياء: كمال شعبان ورؤية هلال رمضان ووجود غيم أو قتر ليلة الثلاثين يحول دونه وإذا رأى الهلال وحده صام فإن كان عدلاً صام الناس بقوله ولا يفطر إذا رآه وحده ولا يفطر إلا بشهادة اثنين وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يوماً أفطروا وإن كان بغيم أو قول واحد لم يفطروا إلا أن يروه أو يكملوا العدة وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير تحرى وصام فإن وافق الشهر أو ما بعده أجزأه وإن وافق ما قبله لم يجزئه).

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: (كتاب الصيام) نحتاج أولاً إلى أن نعطي مقدمة نذكر فيها تعريف الصيام ووقت مشروعيته وكيف فرض صيام شهر رمضان نبدأ أولاً بتعريف الصيام:

الصيام معناه في اللغة: الإمساك ومنه قول الله- تعالى- عن مريم: ? إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّ?26?? [مريم: 26]، ومعنى صوماً أي: إمساكاً عن الكلام، ويقال للساكت: صائم لإمساكه عن الكلام ومنه قول الشاعر:

خيل صيام وأخرى غير صائمة ... تحت اللجاج وأخرى تعلق اللجم

وقوله:" خيل صيام" يعني: ممسكة عن الصهيل "وأخرى غير صائمة" يعني: أنها ليست كذلك.

وتعريف الصوم اصطلاحاً:

إمساك بنية عن أشياء مخصوصة في زمن معين لشخص معين.

وقولنا: "إمساك بنية" في هذا إشارة إلى أنه لا يصح الصوم إلا بنية ولو أن رجلاً لم يأكل ولم يشرب ولم يرتكب أي مفطر من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس لكنه لم ينوِ الصيام فإنه لا يعتبر صائماً شرعاً بعض الناس يمضي أكثر يومه وهو لم يأكل ولم يشرب هل نقول: إن هذا صائم؟ لا .. لابد من نية الصوم وسيأتي - إن شاء الله تعالى- الكلام عن هذه النية وأنه يجب تبييت النية في الصوم الواجب, سيأتي - إن شاء الله تعالى- الكلام عن ذلك بالتفصيل.

قولنا: "إمساك بنية عن أشياء مخصوصة" وهي مفطرات الصيام, وسيأتي الكلام عنها أيضاً بالتفصيل - إن شاء الله تعالى-.

"في زمن معين" وهو ما بين طلوع الفجر الصادق الذي يسمى الفجر الثاني إلى غروب الشمس هذا هو المقصود بالزمن المعين. "من شخص معين" وسيأتي الكلام عنه وهو الإنسان البالغ العاقل المكلف.

متى فرض الصيام؟

فرض الصيام في شهر شعبان من السنة الثانية من الهجرة والنبي -صلى الله عليه وسلم- توفي في السنة الحادية عشرة، معنى ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صام كم رمضان؟ تسعة رمضانات -صلى الله عليه وسلم-، وكان فرض صيام شهر رمضان على ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: فرض صيام عاشوراء فإنه كان في أول الأمر كان صوم عاشوراء واجباً.

المرحلة الثانية: فرض صيام رمضان, لكن على التخيير بينه وبين الإطعام كما في آية البقرة ? وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ? [البقرة: 184]، يعني: أن الصيام خير من الإطعام فكان في المرحلة الثانية من شاء صام ومن شاء لم يصم وأطعم عن كل يوم مسكيناً.

المرحلة الثالثة: فرض صيام شهر رمضان على التعيين من غير تخيير بينه وبين الإطعام وإنما على التعيين وذلك لقول الله- تعالى-: ? فَمَن شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ? [البقرة: 185].

فإذن: مر فرض الصيام بهذه المراحل الثلاث والحكمة في ذلك- والله أعلم- هو التيسير على المكلفين لأنه لو فرض صيام شهر رمضان مرة واحدة لربما كان في ذلك حرج ومشقة والنفس تقبل الشيء الشاق إذا أتاها بالتدريج ولكن إذا أتاها دفعة واحدة قد لا تتقبل النفوس مثل هذا الأمر الشاق وهذا له نظائر مثلاً تحريم الخمر لما كان الناس في ذلك الوقت قد أدمنوا شرب الخمر لم يأتِ تحريمه دفعة واحدة أو مرة واحدة وإنما أتى على مراحل, أتى بالتدريج كما هو معلوم, كان أول ما نزل قول الله- تعالى-: ? وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ? [النحل: 67] ثم نزلت ? لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ? [النساء: 43]، ثم نزلت ? إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ? [المائدة: 90].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير