تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وسبق أن ذكرنا هذه المسألة لما تكلمنا عن وجوب الزكاة وذكرنا الدليل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وهو قول الله - عز وجل-: ? عَنِ الْمُجْرِمِينَ?41?مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ?42?قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ?43?? [المدثر: 42]، وفي آخر الآيات قال: ? وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ?46?? [المدثر: 46]، فهذا يدل على أنهم كفار لأن التكذيب بيوم الدين كفر وقالوا في أول الأمر: ? قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ? فدل ذلك على أنهم حوسبوا على ترك الصلاة وهكذا على ترك الزكاة على ترك الصيام على ترك الحج فإذن الكافر يحاسب على ترك هذه الفرائض، وإذا أراد الكافر أن يصح منه الصوم فإنه يصحح الأصل يأتي بالشهادتين أولاً ويصحح الأصل فإذا صح منه الأصل صحت منه سائر العبادات.

(على كل مسلم بالغ) وهذا هو الشرط الثاني: البلوغ وذلك أن البلوغ هو مناط التكليف فالإنسان قبل بلوغه غير مكلف, بل مرفوع عنه القلم كما في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رفع القلم عن ثلاثة) وذكر منهم (عن الصبي حتى يبلغ) وهو حديث صحيح.

فالصبي إذن مرفوع عنه القلم فلا يحاسب على ترك الصلاة ولا ترك الصوم وذلك لأنه -كما ذكرنا- لم يبلغ فهو مرفوع عنه القلم.

لكن الصبي يصح منه الصوم ويصح منه كذلك الصلاة إذا كان مميزاً ويؤجر على ذلك ويثاب والدليل على ذلك قصة (المرأة التي أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- ورفعت صبياً وقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر) [أخرجه مسلم في صحيحه] فدل ذلك على أن الصبي إذا كان مميزاً فإنه يؤجر ويثاب على الطاعات ولكنه لا يعاقب على ترك الفرائض بل حتى لا يعاقب على فعل المعاصي.

ولكن ليس معنى ذلك أن يترك له الحبل على الغارب- كما يقال- ولكن يعزر على ذلك ويؤدب لكنه شرعاً مرفوع عنه القلم ولكن ينبغي أن يعود على الصوم, كذلك يؤمر بالصلاة كما قال -عليه الصلاة والسلام-: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر).

فينبغي تعويده على الصوم وأمره بالصلاة ولكنه لو لم يصلِّ أو لم يصم فإنه لا شيء عليه لكونه مرفوعاً عنه القلم إذ لا معنى لكون القلم مرفوعاً عنه إلا أنه لا يحاسب.

فإن قال قائل: كيف لا يحاسب على ترك الصلاة والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (واضربوهم عليها لعشر) وهل يكون الضرب إلا على معصية؟ فكيف نجيب عن هذا؟ يقول: الضرب لا يكون إلا على معصية ونحن نقول: إنه ما دام أنه لم يبلغ فإنه لا يحاسب على ترك الصلاة فكيف نجيب عن هذا الإيراد؟

ضربه على سبيل التربية

أحسنت, نقول: لا يلزم من الضرب أن يكون عن معصية وإنما ضربه هنا على سبيل التعويد والتربية والتأديب لأن الصبي أن يؤمر ثلاث سنوات من السن السابعة إلى سن العاشرة ومع ذلك لم يتعود على الصلاة ولم يصلِّ فإنه بحاجة إلى شيء من الحزم لأن بعض النفوس لا يمكن أن تستقيم إلا إذا استخدم معها شيء من القسوة ومن الحزم فهذا ضرب من ضروب التربية والتأديب لكن ليس معنى ذلك أنه مكلف هو لم يبلغ سن التكليف لأنه لا يبلغ سن التكليف إلا إذا بلغ (عن الصبي حتى يبلغ) والبلوغ يتحقق بإحدى علامات ثلاث:

العلامة الأولى: إنزال المني يقظة أو مناماً.

العلامة الثانية: بلوغ تمام خمسة عشر سنة. لاحظ العبارة بلوغ تمام خمسة عشر سنة يعني: أتم خمسة عشرة ودخل في السنة السادسة عشرة وليس معنى ذلك أنه أتم أربعة عشرة سنة ودخل الخامسة عشرة ليس هذا هو المقصود وإنما المقصود أنه أتم خمسة عشرة سنة.

العلامة الثالثة: نبات الشعر الخشن حول الفرج وتزيد الأنثى علامة رابعة وهي الحيض فهذه هي علامات البلوغ إذا وجد واحدة منها فنقول: إن هذا الصبي أو هذه الفتاة قد بلغا سن التكليف.

قال: (بالغ عاقل) قوله: (عاقل) هذا هو الشرط الثالث من شروط وجوب الصوم فالمجنون لا يجب عليه الصوم لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رفع القلم عن ثلاث) وذكر منهم (عن المجنون حتى يفيق) ومادام أنه قد رفع عنه القلم فهو غير محاسب على الصيام وبالتالي نقول: إنه لا يجب عليه الصيام وهذا بإجماع العلماء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير