تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال: (فإن كان عدلاً صام الناس بقوله) أفادنا المؤلف -رحمه الله تعالى- أن شهر رمضان يثبت برؤية شاهد واحد فقط ويدل لذلك حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: (تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي -صلى الله عليه وسلم- أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه) وهذا الحديث [أخرجه أبوا داود وهو حديث صحيح] وأما حديث ابن عباس (جاء أعرابي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني رأيت الهلال قال: تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ قال: نعم قال: يا بلال قم فأذن في الناس أن يصوموا غد) فهذا الحديث [أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة] لكن سنده ضعيف ضعفه كثير من أهل العلم لكن يغني عنه حديث ابن عمر.

ولذلك نقول: إن شهر رمضان يثبت دخوله برؤية شاهد واحد فقط وأما شهر شوال فلابد من شاهدين فأكثر ولهذا قال المؤلف: (ولا يفطر إلا بشاهدة عدلين) لابد من رؤية شاهدين وذلك لحديث عبد الرحمن بن زيد الخطابي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطرو) [أخرجه النسائي بسند حسن].

فدل ذلك على أنه في هلال شهر شوال لابد من شهادة شاهدين عدلين لأن ذلك أحوط وفي دخول شهر رمضان يكتفى بشهادة شاهد واحد فقط لأن ذلك أيضاً أحوط للصوم ففي دخول شهر رمضان نكتفي بشهادة شاهد واحد لأنه أحوط لصوم رمضان في خروج شهر رمضان أيضاً نحتاط لصيام رمضان فنقول: إنه لابد من شهادة شاهدين فأكثر وهكذا بقية الشهود لابد من شهادة شاهدين عدلين.

قال: (ولا يفطر إذا رآه وحده) وذلك لأنه لا يثبت دخول شهر شوال إلا بشهادة عدلين وحينئذ لا يثبت دخول شهر شوال بشهادة واحد فقط ولهذا فإنه إذا رآه وحده فإنه لا يفطر ولهذا نقول: من رأى الهلال وحده سواءً في دخول شهر رمضان أو في خروجه فإنه لا يعتد برؤيته وإنما يكون صومه يوم يصوم الناس وفطره يوم يفطر الناس.

قال: (وإن صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يوماً أفطرو) (وإن صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يوم) يعني: من رمضان (أفطرو) بإكمال رمضان ثلاثين يوماً (وإن كان بغيم أو قول واحد لم يفطروا إلا أن يروه أو يكملوا العدة) يعني: إذا كان دخول شهر رمضان بشهادة شاهد واحد فقط أو أنه على رأي المؤلف أنه يجب صيام الثلاثين من شعبان إذا كان هناك غيم أو قتر وقلنا: إن هذا قول مرجوح, لكن على المسألة الثانية وهو أنه إذا ثبت دخول شهر رمضان بشهادة شاهد واحد فقط فلابد من رؤية هلال شوال.

ومعنى كلام المؤلف: ولو صام الناس ثلاثين يوماً بشهادة شاهد واحد فقط, أي: كان شهر رمضان قد دخل بشهادة شاهد واحد فقط ثم صاموا ثلاثين يوماً ولم يروا الهلال فيصوموا أيضاً اليوم الذي بعده, معنى ذلك: أنهم صاموا واحداً وثلاثين يوماً هذا هو المشهور من مذهب الحنابلة ولكن القول الصحيح في هذه المسألة أنهم إذا صاموا ثلاثين يوماً فإنهم يفطرون بعد ذلك ولو كان دخول شهر رمضان بشهادة شاهد واحد فقط لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين).

ولأن الشهر لا يمكن أن يزيد على ثلاثين يوماً ولو كان دخوله بشهادة شاهد واحد فقط لأن دخوله إنما كان بطريق شرعي ولهذا إذا صام الناس ثلاثين يوماً فإنهم يفطرون اليوم الذي بعده فيكون الصواب هو خلاف ما ذهب إليه المؤلف -رحمه الله تعالى-.

آخر مسألة معنا في هذا الباب قال: (وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير تحرى وصام فإن وافق الشهر أو ما بعده أجزأه وإن وافق قبله لم يجزئه) الأسير إذا كان إنسان أسيراً عند كفار ولم يستطع معرفة دخول الشهر فإنه يجتهد في ذلك ويتحرى ثم بعد ذلك إن تبين له أنه وافق الشهر فالحمد لله وإن تبين أنه صام أياماً بعد شهر رمضان فإن ذلك يقع مجزئاً لأنه يكون قضاءً أما إن تبين أنه صام أياماً قبل دخول شهر رمضان فإن ذلك لا يجزئه لأن العبادة لا تصح قبل دخول وقتها وهو أشبه ما لو صلى الصلاة قبل وقتها.

وبهذا نكون قد انتهينا من أحكام ومسائل هذا الباب.

السؤال الأول: ما هو الأفضل في الصيام بعد صيام خمسة عشر من شعبان لمن أراد التأسي بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما ورد من كثرة صومه -عليه الصلاة و السلام-؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير